بعد أكثر من أربع سنوات على بدء الجائحة، كشفت دراسة علمية جديدة عن الدور الحاسم الذي لعبته لقاحات كوفيد-19 في إنقاذ أرواح البشر، لكن الأرقام تطرح تساؤلًا دقيقًا: من استفاد أكثر؟
أكثر من 2.5 مليون حياة أُنقذت بفضل لقاحات كوفيد-19

في دراسة قادها باحثون من جامعة ستانفورد ونُشرت في مجلة JAMA Health Forum، توصل العلماء إلى أن لقاحات كوفيد-19منعت نحو 2.5 مليون حالة وفاة بين ديسمبر 2020 وأكتوبر 2024.
ولم تقتصر المكاسب على الأرواح فقط، بل تُقدر الدراسة أن البشرية كسبت ما مجموعه 14.8 مليون سنة حياة إضافية، أي مجموع السنوات التي عاشها من تم إنقاذهم بفضل اللقاح.
هذا التأثير الإيجابي كان بمثابة انتصار علمي وسط جائحة حصدت أرواح أكثر من سبعة ملايين شخص عالميًا. ومع تصاعد الشكوك والمعلومات المضللة حول فعالية التطعيم، جاءت هذه النتائج لتقدم أدلة قوية بلغة الأرقام.
إنسان واحد مقابل كل 5400 جرعة
تكشف الدراسة عن رقم دقيق يُظهر فعالية اللقاحات: كل 5400 جرعة أعطيت في العالم ساهمت في إنقاذ حياة إنسان واحد.
ورغم بروز متحورات شرسة مثل “أوميكرون”، بقيت اللقاحات درعًا قويًا، إذ تشير البيانات إلى أن 57% من الأرواح المنقذة خلال هيمنة “أوميكرون” نُسبت للتطعيم، ما يعكس أهمية التحديث المستمر للقاحات لمواكبة الطفرات الفيروسية.
كبار السن: الحصن الأضعف والأكثر استفادة من لقاحات كوفيد-19

ورغم الفائدة العامة من اللقاحات، فإن الدراسة تُظهر عدم تساوي الأثر بين الفئات العمرية. فقد تبين أن 90% من الأرواح التي أنقذتها اللقاحات كانوا من كبار السن فوق 60 عامًا.
هذا يُعيد التأكيد على أن الفئات العمرية المتقدمة هي الأكثر هشاشة أمام الأوبئة، ويؤكد ضرورة أن تكون حملات التطعيم المستقبلية موجهة أولًا نحو هذه الفئات.
في المقابل، تشير البيانات إلى أن الأطفال والمراهقين استفادوا بنسبة أقل بكثير، ما يدفع لإعادة التفكير في جدوى تلقيح هذه الفئات في بعض المراحل، وفتح باب النقاش حول كيفية توزيع الموارد في أي أزمة صحية مستقبلية.
لقاحات كوفيد-19…4 ملايين روح؟

ما لا يعرفه الكثيرون هو أن نتائج الدراسة قد تمثل في الواقع الحد الأدنى للتأثير.
تشير تحليلات الحساسية إلى أن الرقم الحقيقي للأرواح التي تم إنقاذها ربما يقترب من 4 ملايين إنسان، مع ما يعادل 23.6 مليون سنة حياة إضافية تمتعت بها البشرية.
هذه الأرقام لا تنقل فقط نجاح حملة تطعيم جماعية، بل ترسم خريطة مستقبلية للقرارات الصحية الذكية. فالفهم الدقيق لمن استفاد أكثر من اللقاحات يساعد الحكومات والمؤسسات الطبية على تصميم سياسات أكثر فاعلية واستدامة.
بين الإنصاف والفعالية: دروس ما بعد الجائحة
كشفت جائحة كوفيد-19 عن فجوة كبيرة بين الدول في الوصول إلى اللقاحات. وبينما استفادت دول غنية من التوزيع العادل والفعال، تأخرت دول أخرى في توفير الجرعات لكبار السن، ما كلفها خسائر بشرية مضاعفة.
وإذا كانت لقاحات كورونا قد كتبت فصلًا مشرقًا في التاريخ الطبي، فإن الدروس المستخلصة منها يجب ألا تنسى:
- الاستثمار في العلم ينقذ الأرواح.
- التوزيع العادل ليس رفاهية، بل ضرورة.
- والأهم: أن نعرف من نحمي أولًا، ولماذا.
أنواع لقاحات كوفيد-19 وآلية عملها

منذ بداية جائحة كوفيد-19، شكلت اللقاحات أملًا عالميًا في الحد من الإصابات وتقليل الوفيات. وبفضل التقدم العلمي، تم تطوير أنواع مختلفة من اللقاحات، كل منها يعتمد على تقنية مختلفة لتحفيز الجهاز المناعي وتمكينه من التعرف على الفيروس ومكافحته.
وتقسم لقاحات كوفيد-19 إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) مثل فايزر وموديرنا، التي تستخدم شيفرة جينية لتحفيز الجسم على إنتاج جزء من الفيروس بشكل مؤقت، مما يُساعد في تكوين مناعة.
- لقاحات الناقل الفيروسي مثل جونسون آند جونسون (لم يعد مستخدمًا في بعض الدول)، والتي تستخدم فيروسًا غير ضار لنقل تعليمات إنتاج البروتين الفيروسي.
- لقاحات وحدات البروتين الفرعية مثل نوفافاكس، التي تحتوي على بروتينات غير ضارة من الفيروس مباشرة لتحفيز المناعة.
تعرف المزيد: كيف ستقتل مقاومة المضادات الحيوية 39 مليون إنسان بحلول 2050؟
تهدف هذه اللقاحات إلى تقليل خطر الإصابة بكوفيد-19 أو التعرض لمضاعفاته الشديدة. وتؤكد المؤسسات الصحية، مثل مايو كلينك، أن التلقيح بأحدث التركيبات المحدثة لعام 2024–2025 يوفر الحماية المثلى، خصوصًا مع ظهور متحورات جديدة.