تشهد الأزمة الأوكرانية تصعيدًا غير مسبوق مع اقتراب لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن، حيث شنت روسيا صباح الخميس 16 أكتوبر 2025 واحدة من أوسع هجماتها منذ بداية الحرب، مستهدفة منشآت الطاقة والغاز شرق أوكرانيا.
وبينما يستعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العاصمة الأمريكية، تتجه الأنظار إلى ما إذا كان هذا الاجتماع سيُعيد الدبلوماسية إلى الواجهة أم يدفع الصراع نحو مرحلة جديدة من التصعيد.
قصف روسي واسع على منشآت الغاز الأوكرانية

وفقًا للسلطات الأوكرانية، أطلقت موسكو أكثر من 300 طائرة بدون طيار و37 صاروخًا باليستيًا في موجة هجمات كثيفة أدت إلى انقطاع الكهرباء في ثماني مناطق وتدمير محطات معالجة الغاز.
وقال زيلينسكي عبر منصة “إكس” إن القصف ركّز على مناطق خاركيف، بولتافا، سومي، فينيتسا، وتشيرنيهيف، مؤكدًا أن “روسيا تحاول خنق البنية التحتية قبل الشتاء”.
إحدى الضربات الأشد تدميرًا استهدفت محطة شيبلينكا لمعالجة الغاز في منطقة خاركيف، حيث اشتعلت النيران لساعات طويلة بعد سقوط الطائرات المسيّرة والصواريخ على أجزاء متفرقة من المنشأة.
أزمة طاقة خانقة وانقطاعات شاملة

شركة تشغيل شبكة الكهرباء الوطنية “أوكرينيرجو” أعلنت فرض انقطاعات طارئة في معظم المناطق بسبب الأضرار الواسعة، بينما أكدت شركة “دي تيك” الخاصة توقف منشأة إنتاج غاز رئيسية عن العمل بالكامل.
وأفادت تقارير محلية أن نحو 60% من إنتاج الغاز المحلي الأوكراني توقف مؤقتًا، مما حرم مئات الآلاف من المواطنين من الكهرباء والمياه.
وفي المقابل، زعمت وزارة الدفاع الروسية أن الهجمات جاءت “ردًا على الهجمات الأوكرانية الأخيرة على مصافي النفط الروسية”، مؤكدة استخدام صواريخ “كينجال” في القصف الأخير.
ظهور مفاجئ لقوات كورية شمالية في الجبهة

في تطور جديد، أعلنت كييف أن قوات كورية شمالية تمركزت داخل الأراضي الروسية شاركت في تشغيل طائرات استطلاع بدون طيار على الحدود، وهي المرة الأولى منذ شهور يُعلن فيها عن مشاركة مباشرة لبيونغ يانغ في الحرب.
وأكدت أوكرانيا أن هذه القوات كانت قد انسحبت سابقًا بعد خسائر كبيرة في منطقة كورسك، لكن عودتها تشير إلى اتساع دائرة التحالفات العسكرية حول موسكو وتنامي الدعم اللوجستي الروسي.
لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن: ملفات شائكة وصفقات محتملة
لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن، في خضم هذا التصعيد، غادر زيلينسكي كييف متوجهًا إلى واشنطن لعقد اجتماع حاسم مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
وبحسب مصادر دبلوماسية، سيركز لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن على صفقة محتملة لتزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى، إضافة إلى تعزيز أنظمة الدفاع الجوي لمواجهة القصف الروسي المتزايد.
ومن المقرر أن يلتقي زيلينسكي أيضًا ممثلين عن شركات الصناعات الدفاعية الأمريكية، أبرزها شركة “رايثيون” المنتجة لصواريخ “توماهوك”، لبحث آليات التسليم والتصنيع المشترك.
وتؤكد مصادر مطلعة أن إدارة ترامب تنتظر “إشارة سياسية” من البيت الأبيض لإتمام الصفقة، وسط انقسام داخل الكونغرس حول مخاطر التصعيد مع موسكو.
الكرملين يحذر وترامب يوازن بين الدبلوماسية والقوة

الكرملين حذر بشدة من أن تزويد كييف بصواريخ “توماهوك” سيُدخل موسكو وواشنطن في “مواجهة مباشرة”.
وقال يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن بوتين أبلغ ترامب خلال مكالمتهما الأخيرة أن هذه الخطوة “ستدمّر العلاقات الثنائية بين البلدين”.
في المقابل، أكد ترامب في تصريحات للصحفيين أن مكالمته مع بوتين “حققت تقدمًا كبيرًا”، كاشفًا أنه يستعد لعقد لقاء ثانٍ مع بوتين في بودابست بالمجر خلال الأسابيع المقبلة.
لكن البيت الأبيض شدّد عبر السكرتيرة الصحفية كارولين ليفيت على أن الرئيس “لا يزال مؤمنًا بأن الحرب يجب أن تُحسم على طاولة المفاوضات”، وأنه “لن يتردد في اختبار الدبلوماسية مهما كان الثمن”.
واشنطن بين السلاح والسلام

يرى مراقبون أن لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن قد يشكّل نقطة تحول في مسار الحرب الأوكرانية.
فترامب، الذي يُظهر في الأشهر الأخيرة رغبة في تحقيق اختراق دبلوماسي مع موسكو، يحاول في الوقت نفسه طمأنة كييف بأن واشنطن لن تتراجع عن التزاماتها الدفاعية.
ويرجح خبراء أن يقدم ترامب “صفقة مشروطة” لأوكرانيا تشمل تعزيز قدراتها الدفاعية مقابل بدء مفاوضات سلام بإشراف أمريكي مباشر، وهو ما قد يعيد رسم موازين القوى في أوروبا الشرقية.
ومع تصاعد القصف الروسي واتساع رقعة المشاركة الإقليمية، يبدو أن العالم على أعتاب مرحلة جديدة من الحرب، حيث تتقاطع المصالح الأمريكية والروسية والأوكرانية في مشهد معقد يصعب التنبؤ بمآلاته.
تعرف المزيد: العلاقات الصومالية الأذربيجانية.. اتفاق جديد يعيد رسم الملامح
الأنظار تتجه إلى لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن
يبقى لقاء ترامب وزيلينسكي في واشنطن الحدث الأبرز الذي قد يحدد شكل المرحلة المقبلة:
هل سيُعلن عن صفقة صواريخ تغيّر قواعد اللعبة؟
أم ستنتصر الدبلوماسية الأمريكية الحذرة وتُفتح نافذة للحوار بين واشنطن وموسكو؟
ما بين القصف الروسي المتصاعد والرهانات الأمريكية المعقّدة، تتجه الأنظار إلى البيت الأبيض، حيث قد تبدأ أولى خطوات إنهاء أطول حرب تشهدها أوروبا منذ عقود.