على خلفية التوترات الإقليمية المتزايدة في البحر الأحمر والهجمات المتكررة التي تهدد أمن الملاحة الدولية، تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنشاء قاعدة أمريكيا عسكرية جديدة في أرض الصومال تحديدًا في مدينة بربرة، التابعة لإقليمها. هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية موسعة تهدف إلى مراقبة أنشطة الحوثيين المدعومين من إيران، وضمان حماية المصالح الأميركية في البحر الأحمر، رغم قبول الحوثيين مؤخرًا بوقف الهجمات مقابل وقف الضربات الجوية الأميركية.
قاعدة أمريكيا عسكرية جديدة في أرض الصومال.. بربرة في المشهد
تمثل مدينة بربرة موقعًا استراتيجيًا مطلًا على البحر الأحمر، وهو ما يجعلها خيارًا مغريًا لأي تحرك عسكري أميركي طويل الأمد. لكن المسألة لا تتوقف عند الجغرافيا فقط، إذ يربط إقليم أرض الصومال منح واشنطن حق إنشاء قاعدة أمريكيا عسكرية جديدة في أرض الصومال، باعتراف رسمي بسيادته كدولة مستقلة، وهو شرط يجد صدى متزايدًا داخل مراكز القرار الأميركية، بحسب تقارير نقلتها وكالة “بلومبيرغ”.
واشنطن تعيد حساباتها في الصومال
حتى الآن، لطالما ركزت واشنطن على دعم الحكومة الفيدرالية في مقديشو وتجنبت التعامل المباشر مع الأقاليم ذات النزعة الانفصالية. إلا أن التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، والتنافس الدولي في القرن الأفريقي، دفعا إدارة ترامب إلى إعادة النظر في أولوياتها، لا سيما مع التنامي المتسارع للوجود الصيني في جيبوتي منذ عام 2017.
مخاوف مقديشو
في المقابل، تتابع الحكومة الصومالية هذه التحركات بقلق بالغ. وقد دفع ذلك الرئيس حسن شيخ محمود إلى تقديم عرض يتضمن السماح بإنشاء قواعد أميركية في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة، مثل بوصاصو وبليدوجل وبربرة نفسها. خطوة اعتُبرت محاولة استباقية لثني واشنطن عن التقارب مع سلطات أرض الصومال.
قاعدة عسكرية مقابل اعتراف
بحسب تقارير إعلامية أميركية، بدأت إدارة ترامب بالفعل محادثات مع مسؤولي أرض الصومال في مارس 2025 بشأن إنشاء قاعدة أمريكيا عسكرية جديدة في أرض الصومال بالقرب من بربرة. وقد تتضمن الصفقة اعترافًا جزئيًا بالإقليم، ما يُعد اختراقًا كبيرًا في مسار طالما واجه رفضًا دوليًا.
في هذا السياق، حذرت الباحثة “جو أديتونجي” في تقرير نشره موقع The Conversation من أن أي خطوة أميركية للاعتراف بأرض الصومال قد تُضعف الحكومة المركزية في مقديشو، وتُشجع على المزيد من الانفصالات، مما يهدد وحدة الدولة الصومالية على المدى الطويل.
أرض الصومال تكشف عن الثروات
من جانبه، لم يُخفِ رئيس أرض الصومال، عبدالرحمن محمد عبدالله، طموحات الإقليم، حيث أكد في مقابلة مع “بلومبيرغ” استعداد حكومته لاستضافة القاعدة الأميركية. كما كشف عن عرض حزمة موارد معدنية تشمل الليثيوم وعناصر استراتيجية أخرى، ضمن مساعٍ دبلوماسية لتأمين الاعتراف الدولي.
ثروات واعدة.. ومصالح متشابكة
يشير تقرير صادر عن شركة “African Mining” في يونيو 2023 إلى أن أرض الصومال تملك احتياطات كبيرة من خام الحديد، والجبس، والأحجار الكريمة، والذهب. وتراهن سلطات الإقليم على أن التعاون الأمني والتجاري مع القوى الكبرى سيكون بوابة الاعتراف الدولي، خصوصًا في ملفات مثل مكافحة الإرهاب، والقرصنة، والتهريب.
النفوذ الأميركي في مواجهة الصين
منذ أن أنشأت الولايات المتحدة قاعدة “معسكر ليمونير” في جيبوتي عام 2002، وهي تراقب عن كثب التطورات في القرن الأفريقي. ومع دخول الصين بقوة إلى المنطقة بقاعدتها البحرية في 2017، تحوّلت المنافسة إلى صراع نفوذ مفتوح. إنشاء قاعدة أميركية في بربرة سيُعد خطوة لتعزيز الحضور الأميركي ومواجهة المد الصيني.
تعرف المزيد: منطقة القرن الأفريقي المنفصلة تسعى لاعتراف أمريكي
قاعدة أمريكيا عسكرية جديدة في أرض الصومال.. بوابة لتغيير التوازنات
رغم ما تحمله الخطوة من تعقيدات سياسية وأمنية، فإن إنشاء قاعدة أمريكيا عسكرية جديدة في أرض الصومال، قد يعيد تشكيل خريطة النفوذ في القرن الأفريقي. وسط الطموحات للانفصال، وضغوط السيادة، وصراعات القوى الدولية، تظل بربرة اليوم أكثر من مجرد مدينة ساحلية، بل نقطة تقاطع لمصالح تتجاوز حدود الصومال.