فرنسا تطلق تحركًا أوروبيًا لتدريب القوات الصومالية، تقود فرنسا مسعى أوروبيًا جديدًا لإعادة تنظيم جهود تدريب القوات الأمنية الصومالية، في خطوة تعكس تنامي الاهتمام الدولي بإعادة الاستقرار إلى البلاد بعد سنوات طويلة من الاضطراب الأمني والمؤسسي. المبادرة طُرحت خلال اجتماع مشترك لوزراء الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي، حيث دعت باريس إلى إطلاق برنامج تدريبي منسق خارج الأراضي الصومالية، في محاولة لتجاوز التحديات الميدانية المعقدة داخل البلاد.
تعاون عسكري

وبحسب المقترح الفرنسي، سيتم تدريب وحدة عسكرية صومالية في جيبوتي، مستفيدة من القاعدة العسكرية الفرنسية القائمة هناك، على أن تبدأ المرحلة الأولى في سبتمبر المقبل، وتشمل كتيبة قوامها نحو 500 جندي. وترى باريس أن اختيار جيبوتي يوفر بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا، ويتيح إشرافًا أوروبيًا مباشرًا على العملية التدريبية، بعيدًا عن الضغوط السياسية والعشائرية داخل الصومال.
مهمة تدريبية بإطار أوروبي
تسعى فرنسا إلى إدراج هذه المبادرة ضمن مهام السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي، على أن تُصنَّف كمهمة غير تنفيذية تركز على إصلاح القطاع الأمني وبناء القدرات. وتقدّر مصادر أوروبية أن تدريب كتيبة واحدة سيتطلب نحو 150 خبيرًا عسكريًا، بكلفة تقارب 1.5 مليون يورو، وهو ما تعتبره باريس استثمارًا محدودًا قياسًا بالعائد الاستراتيجي المحتمل.
تحفظات أوروبية

ورغم الترحيب المبدئي بالمبادرة، أبدت عدة دول أوروبية تحفظات واضحة، خاصة بشأن ولاء القوات التي سيتم تدريبها. ويظل توحيد الميليشيات المتعددة ضمن جيش وطني منضبط أحد أبرز التحديات التي تواجه الدولة الصومالية. ويحذر دبلوماسيون أوروبيون من احتمال عودة الوحدات المدرَّبة إلى الداخل دون التزام فعلي بالسلطة المركزية، أو انخراطها في صراعات محلية، ما قد يقوض أهداف المهمة.
تنسيق دولي أوسع
يتزامن التحرك الأوروبي مع جهود تقودها الأمم المتحدة للتحضير لعملية حفظ سلام تدريجية في الصومال، وسط مؤشرات أولية على استعداد عدد من الدول للمشاركة بقوات. ومن المتوقع أن يناقش مجلس الأمن هذا الملف خلال الفترة المقبلة، في إطار مقاربة دولية أشمل لدعم الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة الصومالية.
الأمن البحري والقرصنة

وفي سياق متصل، يدرس الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق مهمة “أتالانتا” البحرية لمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، لتشمل مناطق أوسع وصولًا إلى جزر سيشل، عقب تسجيل هجمات جديدة خلال الأشهر الماضية. وتؤكد دول أوروبية رئيسية أن أمن الملاحة البحرية يشكل عنصرًا أساسيًا في أي استراتيجية طويلة الأمد لاستقرار الصومال والمنطقة.
لمعرفة المزيد: مجلس الأمن يجدد دعمه للاتحاد الأفريقي في الصومال حتى نهاية 2026
صورة خاتمة فرنسا تطلق تحركًا أوروبيًا لتدريب القوات الصومالية

بهذا، يتضح أن المبادرة الفرنسية لا تقتصر على تدريب عسكري محدود، بل تندرج ضمن رؤية أوروبية ودولية أوسع، تسعى إلى الجمع بين إصلاح القطاع الأمني، ودعم الاستقرار السياسي، وتعزيز الأمن الإقليمي، في بلد لا يزال يمثل أحد أكثر ملفات القرن الإفريقي تعقيدًا.
