بعد أسبوعين من عودة المدارس في الصومال، بدأت الصور الحية للأطفال في الفصول الدراسية تعكس مزيجًا من التفاؤل والتحديات اليومية. منذ 7 سبتمبر، شهدت مقديشو ومدن أخرى انطلاق العام الدراسي 2025/2026 وسط أجواء مليئة بالحماس، لكن المشاكل العملية ما زالت حاضرة على الأرض.
انطلاقة العام الدراسي: التفاؤل مع تحديات واقعية
افتتح الرئيس حسن شيخ محمود العام الدراسي رسميًا، مؤكدًا على أهمية عودة المدارس في الصومال كخطوة رئيسية نحو بناء جيل متعلم. في مقديشو، شاهد السكان الأطفال وهم يرتدون الزي المدرسي الزاهي ويسيرون إلى الفصول وسط ازدحام الطرق والطقس الحار.
البرنامج الوطني لتدريب المعلمين الذي اختتم قبل انطلاق الدراسة زوّد 300 معلم بأساليب تدريس حديثة، لكنه لا يزال أمام المدارس تحديات تطبيق هذه البرامج عمليًا.
بين الزي المدرسي والفصول المكتظة: الطلاب والمعلمون يواجهون الواقع الجديد
الفصول الدراسية في مقديشو والمدن الكبرى شهدت كثافة كبيرة للطلاب، مع نقص واضح في المقاعد والكتب الدراسية. رغم ذلك، التزام المعلمين واضح، حيث يعملون بجد لتنظيم الصفوف وضمان مشاركة جميع الطلاب في العملية التعليمية.
في مناطق الريف، مثل لانبور وجيرينلي، الواقع أصعب. المدارس المجتمعية المؤقتة التي افتتحت عام 2023 أغلقت بسبب نقص التمويل، تاركة عشرات الأطفال بلا تعليم. هذه الفجوة بين المدن والمناطق النائية تُظهر أن عودة المدارس في الصومال ليست متساوية في جميع المناطق.
التحديات اليومية في المدارس
من أبرز التحديات اليومية التي تواجه عودة المدارس في الصومال:
- نقص اللوازم المدرسية الأساسية مثل الكتب والأقلام والدفاتر.
- كثافة الطلاب في الفصول، مما يصعّب متابعة كل طالب بشكل فردي.
- الظروف المناخية القاسية، خصوصًا في الريف خلال موسم الجفاف.
رغم هذه الصعوبات، الأطفال يظهرون حماسًا ملحوظًا، والزي المدرسي الجديد يمنحهم شعورًا بالانتماء والانضباط.
التزام المعلمين وتأثير برامج التدريب
العديد من المعلمين أعربوا عن استفادتهم من برامج التدريب الأخيرة، خصوصًا في تحسين طرق إدارة الفصول وتقديم الشرح بشكل جذاب. يقول محمد دايب أحمد، معلم في مقديشو: “كل طفل يدخل الفصل الدراسي هو انتصار على الحرب والفقر والجهل”.
لكن المعلمين في الريف يواجهون صعوبات إضافية بسبب نقص الدعم والموارد، مما يجعل تطبيق المهارات الجديدة أكثر تحديًا.
قصص من الريف: لانبور وجيرينلي
في لانبور، أغلقت المدارس المؤقتة التي أنشأها معلمون متطوعون، تاركة 183 طفلًا بلا تعليم. أحد أولياء الأمور، شكري علي هيرسي، قال: “رغم حماس الأطفال، لا نستطيع تحمل تكاليف النقل أو شراء اللوازم”.
في جيرينلي، الوضع مشابه، مع معاناة الأسر التي فقدت الماشية بسبب الجفاف، مما يقلل قدرتهم على دعم عودة المدارس في الصومال عمليًا.
آراء أولياء الأمور: التعليم الجديد يحدث فرقًا؟
بعد أسبوعين من انطلاق الدراسة، يلاحظ بعض أولياء الأمور تحسنًا نسبيًا في جودة التعليم، خاصة في المدارس الحضرية. أمينة، أم لأربعة أطفال، قالت: “التعليم هو السبيل الوحيد لمنح أطفالنا مستقبلًا أفضل”.
لكن في الريف، التحديات المالية واللوجستية تعيق متابعة الأطفال بانتظام، مما يجعل عودة المدارس في الصومال حلمًا صعب التحقيق بالكامل.
تقييم المعلمين للبرامج التدريبية
معظم المعلمين في المدن الكبرى أكدوا استفادتهم من التدريب الأخير، خصوصًا في أساليب التدريس الحديثة وإدارة الصفوف المكتظة. لكنهم أشاروا إلى أن الدعم المستمر، مثل توفير الموارد والكتب، ضروري لتحويل التدريب النظري إلى نتائج عملية ملموسة.
الإخلاءات الحكومية للمدارس: هل تحسنت إمكانية الوصول للتعليم؟
توجيهات الرئيس بإخلاء المدارس المحتلة ما زالت قيد التنفيذ، مع بعض التأخير في المناطق التي تشهد مقاومة محلية. رغم ذلك، السلطات تقول إن الهدف هو ضمان عودة المدارس في الصومال لجميع الأطفال، وإعادة المرافق التعليمية إلى دورها الأساسي.
المعارضة المحلية قلقّة من أن الإخلاءات قد تزيد الضغط على الأسر النازحة، لكنها تعتبر خطوة ضرورية لضمان استمرارية التعليم.
جهود تجديد المدارس التاريخية
في جلالقسي، بدأ تجديد مدرسة نصر الدين الابتدائية، التي تخرج منها الرئيس نفسه، لتكون نموذجًا لإصلاح المدارس القديمة. إعادة تأهيل المدرسة ستوفر بيئة آمنة لأكثر من 700 طالب، كما أنها تمثل رمزًا للتزام الحكومة بتحسين عودة المدارس في الصومال على مستوى جميع الولايات.
قصص نجاح محدودة وسط التحديات
رغم الصعوبات، هناك قصص نجاح تبعث على التفاؤل. بعض الطلاب تمكنوا من العودة إلى التعليم بعد سنوات من الانقطاع، والجهود المجتمعية لمعالجة نقص الموارد بدأت تظهر أثرها في بعض المناطق.
التحديات المستمرة: الجفاف ونقص الموارد
الجفاف الأخير أدى إلى فقدان الماشية في الريف، مما أثر على قدرة الأسر على دعم أطفالها في التعليم. مع تزايد الحاجة للوازم الدراسية والمواصلات، تواجه عودة المدارس في الصومال خطر التراجع في بعض المناطق الريفي
التوصيات المستقبلية
الأسبوعان الأوليان أظهرا أن عودة المدارس في الصومال ممكنة لكنها بحاجة إلى دعم مستمر. التوصيات تشمل:
- زيادة الموارد للمدارس في المناطق النائية.
- دعم برامج تدريب المعلمين بشكل مستمر.
- ضمان توفير اللوازم المدرسية الأساسية لجميع الطلاب.
- مراقبة الإخلاءات الحكومية لضمان حقوق الأسر النازحة.
- التعاون مع المنظمات الدولية لدعم التعليم المستدام.
تعرف المزيد: الصومال وصحة المرأة والطفل: انضمام تاريخي إلى شبكة القادة العالميين في 2025
أمل مستمر رغم التحديات
بين التفاؤل والواقع الصعب، يظهر أن عودة المدارس في الصومال خطوة حيوية لبناء مستقبل أفضل للشباب. التزام المعلمين، وحماس الطلاب، والدعم المجتمعي كلها عوامل تساعد على تجاوز التحديات، لكن بدون استثمار مستمر، يظل خطر ضياع الجيل قائمًا.