في أواخر الشهر الماضي، فقدت الصومال أحد أبرز رواد التعليم الأهلي، الأستاذ عثمان حاجي مصطفى، الذي كرّس حياته للنهوض بالتعليم في بلاده، خاصة بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
النشأة والمسيرة التعليمية
ولد الأستاذ عثمان حاجي عام 1954 في جماعة شين بمحافظة هيران. بدأ مسيرته المهنية بعد إنهاء دراسته الثانوية بالعمل في وزارة التربية والتعليم الصومالية. لاحقًا، أكمل دراسته الجامعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، حيث تخصص في اللغة العربية وآدابها وتخرج عام 1985.
العودة إلى الوطن وبناء المؤسسات التعليمية
رغم عمله لفترة وجيزة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، كان طموحه الأكبر خدمة بلده، فعاد إلى الصومال وأسّس مدرسة البر الأهلية في مقديشو عام 1986. تميزت المدرسة بجودة تعليمها، وساهمت في تخريج الآلاف من الطلاب الذين أصبحوا اليوم أطباء ومهندسين وسياسيين. وأعيد افتتاح المدرسة مجددًا عام 2017.
دوره في إعادة التعليم بعد الحرب الأهلية
بعد اندلاع الحرب الأهلية في 1991، كان عثمان حاجي أول من بادر لإعادة التعليم في الصومال بدعم من هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في السعودية. دعا المؤسسات التعليمية غير الحكومية المسجلة سابقًا لإعادة فتح أبوابها، وسعى للحصول على التمويل اللازم لترميم المدارس ودفع رواتب المعلمين. وبفضل جهوده، استأنفت 25 مدرسة نشاطها خلال تلك الفترة الصعبة.
مشاريع تطوير التعليم والإغاثة
سعى عثمان حاجي لتعريب المناهج الصومالية بالتعاون مع الندوة العالمية للشباب الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية، كما كان له دور بارز في تأسيس مؤسسات تعليمية عديدة، منها:
- مؤسسة زمزم للإغاثة عام 1992.
- جامعة مقديشو عام 1997.
- مؤسسة المعارف للتنمية في هرجيسا عام 2005، التي أطلقت مشاريع مثل المعهد العالي لإعداد المعلمين وثانوية المعارف.
- مدرسة البر الأساسية في بلدوين عام 2016.
إسهاماته في الإغاثة والتنمية إلى جانب التعليم، نشط عثمان حاجي في المجال الإنساني، حيث عمل على:
- توفير منح دراسية للطلاب الصوماليين في مختلف التخصصات والجامعات العالمية.
- تنفيذ مشاريع إنسانية مثل توزيع السلال الغذائية، لحوم الأضاحي، وملابس العيد.
- حفر الآبار وتشييد المساجد والمستشفيات بتمويل من جهات خيرية ومتطوعين حول العالم.
إرث خالد في خدمة الصومال بفضل جهوده، أصبح عثمان حاجي رمزًا للتعليم الأهلي في الصومال، وساهم في بناء جيل من المتعلمين القادرين على المساهمة في نهضة بلادهم. سيبقى إرثه شاهدًا على تفانيه في خدمة التعليم والمجتمع، تاركًا بصمة لا تُمحى في تاريخ الصومال الحديث.