في خطوة وُصفت بأنها الأكبر في تاريخ ،الإنتاج الزراعي في أرض الصومال أعلنت وزارة الزراعة عن إطلاق مشروع استثماري ضخم بقيمة 100 مليون دولار يهدف إلى تحسين الإنتاج الزراعي في أرض الصومال، بتمويل مباشر من شركة أمريكية تُعرف باسم “شركة الأمن الغذائي الأفريقي”. المبادرة تفتح أبوابًا جديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الصادرات إلى الخليج، وسط تحديات متزايدة تواجه الأمن الغذائي في المنطقة.
مشروع طموح لتحويل الزراعة إلى قطاع إنتاجي مستدام
بحسب البيان الرسمي الصادر عن وزارة الزراعة، فإن المشروع الجديد يهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في الإنتاج الزراعي في أرض الصومال، ويأتي ضمن خطة استراتيجية طويلة المدى تسعى إلى تقليل الاعتماد على استيراد المواد الغذائية وتعزيز قدرة البلاد على إنتاج غذائها محليًا.
شركة الأمن الغذائي الأفريقي، وهي شركة أمريكية متخصصة في التنمية الزراعية، ستكون الجهة المنفذة للمشروع، ومن المتوقع أن تبدأ أعمالها في الميدان خلال الأشهر القليلة القادمة. وتشمل خطط التنفيذ تطوير أنظمة الري، تدريب المزارعين، تحسين سلاسل الإمداد، وتوفير البذور والمعدات الحديثة.
دعم رئاسي وإشراف حكومي مباشر
تم توقيع الاتفاق رسميًا من قبل رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، مما يعكس الأهمية السياسية للمشروع، وأُعلن عنه من قبل وزير التنمية الزراعية، محمود عغي يوسف، ونائبه مختار حاج محمد فارح، في مؤتمر صحفي خاص عقد بالعاصمة هرجيسا.
وأشار الرئيس عرو إلى أن المشروع “يمثل بداية جديدة في مسار الإنتاج الزراعي في أرض الصومال، ويضع حجر الأساس لتحسين معيشة المزارعين وزيادة الاعتماد على الذات في توفير الغذاء”.
في تطور لافت، كشفت شركة الأمن الغذائي الأفريقي أن من بين أهداف مشروع الإنتاج الزراعي في أرض الصومال المستقبلية هو تصدير المنتجات الزراعية من أرض الصومال إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، مستفيدة من الموقع الجغرافي القريب والروابط التجارية المتنامية.
وأفاد البيان بأن البنية التحتية للموانئ والممرات التجارية ستُستغل لتسهيل عمليات التصدير، مما قد يحوّل أرض الصومال إلى مركز إقليمي لتجارة المنتجات الزراعية شرق أفريقيا.
أزمة غذائية خانقة والمشروع كفرصة إنقاذ الإنتاج الزراعي في أرض الصومال
تعاني أرض الصومال منذ سنوات من اعتماد مفرط على استيراد الغذاء من الخارج، في حين أن الإنتاج المحلي لا يكفي لتلبية حاجات السكان. بحسب التقارير الحكومية، فإن أكثر من 80٪ من المواد الغذائية يتم استيرادها، ما يجعل البلاد عرضة لصدمات الأسواق العالمية، وارتفاع الأسعار، والأزمات المناخية.
وأكد الرئيس عرو أن “أكبر تحدٍّ يواجه أرض الصومال اليوم هو الحصول على الغذاء”، مضيفًا أن هذا المشروع يشكّل استجابة عملية للأزمة ويمنح الأمل في مستقبل زراعي أكثر استقلالًا.
الشركة الممولة: من هي “شركة الأمن الغذائي الأفريقي”؟
شركة الأمن الغذائي الأفريقي (African Food Security) هي شركة أميركية متخصصة في الاستثمار الزراعي والتنمية المستدامة في القارة الأفريقية. تعمل في مجالات تطوير الأراضي، الاستصلاح، التقنيات الزراعية الحديثة، وبناء سلاسل القيمة الزراعية.
وقد سبق أن نفذت مشاريع مشابهة في دول مثل كينيا وغانا وتنزانيا، وتهدف من خلال مشروعها الجديد إلى تحويل أرض الصومال إلى نموذج ناجح في الأمن الغذائي والتصدير الزراعي.
خطوات مقبلة: تدريب المزارعين وإنشاء مزارع نموذجية
أعلنت وزارة الزراعة عن خطط مرافقة للمشروع، تشمل إنشاء مزارع نموذجية تعليمية، ومراكز لتدريب المزارعين على استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة والري والحصاد، إلى جانب دعم المرأة الريفية وتمكينها من المساهمة في الإنتاج.
وسيجري التعاون مع الجامعات والمعاهد الزراعية المحلية والدولية من أجل ضمان نقل المعرفة وبناء الكفاءات المحلية المستدامة.
رغم التفاؤل، لا يخلو المشروع من تحديات محتملة، أبرزها:
١) ضعف البنية التحتية الزراعية الحالية.
٢) نقص الأطر القانونية المنظمة للاستثمار الزراعي.
٣) تحديات مناخية تشمل الجفاف والتصحر.
٤) الحاجة إلى دعم سياسي طويل الأمد واستقرار أمني لضمان استدامة المشروع.
لكن القائمين على المشروع يؤكدون أن التصميم على تجاوز هذه التحديات موجود، وأن التمويل الكبير والدعم الحكومي يشكلان ضمانة أولية للنجاح.
يمثّل مشروع تعزيز الإنتاج الزراعي في أرض الصومال بتمويل أمريكي فرصة نادرة لتغيير قواعد اللعبة في بلد عانى طويلًا من الهشاشة الزراعية. إن قدرة أرض الصومال على تحويل هذه الاستثمارات إلى نتائج ملموسة على الأرض، لن تساهم فقط في تحقيق الأمن الغذائي، بل قد تفتح الباب أمام مستقبل تصديري واعد باتجاه الخليج.
ويبقى السؤال: هل تستغل الحكومة هذه الفرصة التاريخية لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، أم أنها ستضيع كما ضاعت مشاريع أخرى بسبب غياب التخطيط والتنسيق؟
تعرف المزيد على: استخراج المياه الجوفية يتسبب في غرق مدن أمريكية ببطء و34 مليون شخص في خطر