الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر، أصبح محور اهتمام إقليمي متجدد، إذ عاد الجدل السياسي بقوة حول موقع الصومال في معادلة سد النهضة الإثيوبي ومساعي أديس أبابا للحصول على منفذ بحري. تقرير حديث صادر عن معهد الشؤون الخارجية في إثيوبيا وصف موقف الرئيس حسن شيخ محمود بأنه “تحوّل دبلوماسي عميق”، معتبرًا أن ذلك يعكس دعمًا غير معلن للرؤية الإثيوبية المعروفة ب“مبدأ المياه المزدوجة”، وهو ما أثار نقاشًا واسعًا نظرًا لغياب تصريحات رسمية واضحة من مقديشو.
التحرك الدبلوماسي المفاجئ

يرى معهد الشؤون الخارجية أن حضور الرئيس الصومالي حسن الشيخ، في افتتاح سد النهضة في 9 سبتمبر 2025 كان نقطة تحول محورية. إذ شارك إلى جانب قادة إقليميين في احتفالية ضخمة، بينما قدم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد السد بوصفه “مشروع القرن” الذي سيغيّر قواعد الطاقة في شرق أفريقيا. هذا المشهد يعكس كيف أن الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر، أصبحت تتبلور بشكل ملموس، حيث اعتبرت المشاركة رسالة سياسية محسوبة تعيد تموضع مقديشو في الملف الإقليمي.
الإعلام السياسي ودوره في تشكيل الرواية

جاءت الإشارة الثانية عبر مقابلة الرئيس الصومالي مع قناة العربية، حيث وصف السد بأنه “محوري ومؤثر في تنمية القرن الأفريقي”. ويرى الباحثون الإثيوبيون أن هذا التغير اللغوي يشير إلى تحول في الرؤية السياسية. في هذا السياق، الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر. يظهر كحليف محتمل لدعم مشاريع الطاقة الإقليمية، على الرغم من عدم إعلان مقديشو ذلك رسميًا.
مياه النيل والبحر الأحمر في عقيدة الأمن القومي الإثيوبي

تربط إثيوبيا بين ملفي النيل والبحر الأحمر عبر مفهوم “المياه المزدوجة”، الذي يعتبر السيطرة على مياه النيل وتعزيز النفوذ البحري ركيزتين للأمن القومي. وانتشر هذا المفهوم في الخطاب الرسمي والإعلامي الإثيوبي، خصوصًا بعد التوتر الحدودي مع السودان واستمرار الخلاف مع مصر. ومن هذا المنطلق، الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر: قراءة في التحول الدبلوماسي الجديد ينظر إليه كعنصر محتمل في معادلة توازن القوى الإقليمية.
من أزمة الاعتراف بأرض الصومال إلى التقارب الحالي

شهد مطلع 2024 توترًا شديدًا عندما وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع أرض الصومال تمنحها منفذًا بحريًا في بربرة. رأت مقديشو أن الاتفاق انتهاك صارخ للسيادة، وردت بإجراءات دبلوماسية صارمة. إلا أن الوساطة التركية أنهت الأزمة عبر “إعلان أنقرة”، الذي أعاد العلاقات إلى مسارها الطبيعي. اليوم، الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر، يبدو أكثر قدرة على إدارة التوازن بين المصالح الوطنية والإقليمية.
القراءة الصومالية البديلة
على الجانب الآخر، يقدم محللون صوماليون تفسيرًا أكثر تحفظًا. فالرئيس حسن شيخ، رغم حضوره افتتاح السد، لم يعلن دعم “مبدأ المياه المزدوجة”، بل شدد على ضرورة احترام القوانين الدولية والسيادة الوطنية، خصوصًا في ملف البحر الأحمر. وبناء على ذلك، الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر، يظهر بمثابة موقف متوازن بين التعاون الإقليمي والحفاظ على استقلال القرار الوطني.
المصلحة الوطنية الصومالية بين القاهرة وأديس أبابا

ترى مصادر دبلوماسية أن الصومال لا يمكنه الانحياز الكامل لإثيوبيا في ملف سد النهضة بسبب تعاونه المتنامي مع مصر في الأمن والطاقة. وقد أعلنت القاهرة دعمها لوحدة الأراضي الصومالية ووقعت اتفاقيات دفاع مشترك خلال 2023 و2024. وبذلك، أي خطوة غير محسوبة نحو أديس أبابا قد تؤدي إلى توترات جديدة، مما يوضح أن الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر: قراءة في التحوّل الدبلوماسي الجديد يتبع سياسة حذرة توازن فيها بين القوى الإقليمية.
ماذا تريد إثيوبيا فعلًا من الصومال؟
تسعى إثيوبيا إلى استثمار أي دعم صومالي للسد في مواجهة الضغوط المصرية وتأمين منافذ بحرية بديلة. ومن خلال هذه الاستراتيجية، الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر، إذ يتحوّل إلى أداة سياسية محتملة، حتى لو لم يعلن ذلك بشكل صريح، إذ يوفر وجودها شرعية جزئية لمشاريع الطاقة والنقل الإقليمي.
مستقبل العلاقة بين الخطاب والمشاريع الفعلية
يشير الدبلوماسيون إلى أن التحولات الفعلية ستتضح عند انتقال العلاقات من التصريحات إلى المشاريع المشتركة، والتي قد تشمل: صفقات شراء الكهرباء من السد، ربط شبكات الطاقة بين البلدين، تفاهمات حول استخدام الموانئ الصومالية، واتفاقيات أمن بحري في خليج عدن. حتى الآن، يظل كل شيء في نطاق الخطاب السياسي، لكن الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر، يظل مراقبًا عن كثب من جميع الأطراف.
لمعرفة المزيد: خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال
صورة خاتمية الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر
على الرغم من محاولات إثيوبيا تقديم الصومال كحليف محتمل في ملفي النيل والبحر الأحمر، إلا أن الوقائع تشير إلى أن مقديشو تتحرك بعقلانية وحذر، محاولة الحفاظ على توازن دقيق بين القوى الإقليمية المتنافسة. ويبقى السؤال: هل نحن أمام تحول إستراتيجي حقيقي أم مجرد تقارب مرحلي فرضته ظروف الإقليم؟ في كل الأحوال، الصومال بين سد النهضة وطموحات البحر الأحمر، سيظل عنوانًا محوريًا لفهم ديناميات القرن الأفريقي في السنوات القادمة.
