تعتبر وسائل الإعلام في الصومال من أبرز القوى المؤثرة على الواقع الوطني، إذ يلعب دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف دورًا أساسيًا في تشكيل الوعي المجتمعي وتعزيز الوحدة الوطنية، لا سيما في بلد يعاني من سنوات طويلة من النزاعات المسلحة، والتحديات الأمنية والسياسية المتشابكة. في ظل هذا الواقع المعقد، يشكل الإعلام ركيزة هامة في جهود بناء السلام ومواجهة التطرف، خصوصًا مع تصاعد التوترات والعنف التي تسببت في نزوح مئات الآلاف من المدنيين وتدهور الأوضاع الإنسانية.
الواقع الأمني وتأثيره على المشهد الإعلامي

شهد الصومال تصاعدًا مستمرًا في القتال خلال السنوات الماضية، حيث أسفر النزاع في عدة مناطق عن سقوط مئات الضحايا المدنيين، ونزوح أكثر من 650 ألف شخص، بالإضافة إلى تهديدات حركة الشباب المسلحة التي شنت هجمات مدمرة أدت إلى مقتل مئات المدنيين. في ظل هذه الأوضاع الأمنية المضطربة، يصبح دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف أكثر تحديًا، خصوصًا مع التهديدات الأمنية المستمرة التي تستهدف الصحفيين ووسائل الإعلام.
تواجه وسائل الإعلام في الصومال قيودًا شديدة من السلطات الأمنية، إلى جانب مخاطر من الجماعات المسلحة، مما أدى إلى اعتقال صحفيين بشكل تعسفي، ومضايقة العاملين في المجال الإعلامي، وهو ما يقيد حرية التعبير ويحد من قدرة الإعلام على أداء دوره الحيوي في توعية المجتمع.
الإعلام كأداة لتعزيز الوحدة الوطنية

رغم الصعوبات، يلعب الإعلام الصومالي دورًا محوريًا في بناء سرد موحد يجمع بين مختلف مكونات الشعب الصومالي، ويعزز من الشعور بالانتماء الوطني. تبث وسائل الإعلام المحلية برامج تركز على التراث الثقافي المشترك، وتسلط الضوء على قصص النجاح والمبادرات المجتمعية التي تساهم في بناء السلام. كما يساهم الإعلام في خلق حوار مفتوح بين الفئات المختلفة، ويعمل على تقليل الخطابات الطائفية والقبلية التي لطالما كانت مصدرًا للصراعات.
ومن خلال هذه الرسالة الإعلامية المتماسكة، يسعى دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف إلى إرساء قواعد الوحدة الوطنية التي تعد ضرورة قصوى في ظل الصراعات المتعددة التي تواجه البلاد، إذ يمكن القول إن الإعلام الصومالي هو من العوامل التي تدعم الاستقرار السياسي والاجتماعي بشكل مباشر.
مكافحة التطرف: الإعلام في خط المواجهة
مع تصاعد هجمات حركة الشباب والجماعات المتطرفة الأخرى، برز دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف كخط دفاع أساسي في مكافحة التطرف ونشر الوعي حول مخاطر الأفكار المتشددة. يستخدم الإعلام محتوى توعويًا يستهدف تحذير المجتمع من مخاطر التطرف وتأثيراته السلبية على السلام والاستقرار.
بالإضافة إلى ذلك، يدعم الإعلام المبادرات الشبابية التي تروج لقيم التسامح والاعتدال، ويُساهم في فضح الدعاية المتطرفة التي تبثها الجماعات المسلحة عبر منصات متعددة، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أرضًا خصبة لانتشار الأفكار المتشددة.
التحديات التي تواجه الإعلام الصومالي

يواجه الإعلام الصومالي عدة عقبات تحول دون أداء دوره الكامل في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف. أبرز هذه التحديات:
- التهديدات الأمنية: يتعرض الصحفيون والمراسلون لمخاطر جسيمة تشمل الاعتقال التعسفي، المضايقات، والاعتداءات، كما أن العديد منهم قُتلوا أثناء أداء مهامهم. هذا الواقع يجعل العمل الإعلامي محفوفًا بالمخاطر.
- القيود الحكومية: تمارس السلطات المحلية والفيدرالية ضغوطًا كبيرة على وسائل الإعلام، وفرض رقابة على التغطيات المتعلقة بالأمن والسياسة، بالإضافة إلى الاعتقالات التي استهدفت صحفيين بسبب تقاريرهم الاستقصائية.
- ضعف البنية التحتية: تعاني وسائل الإعلام من نقص الموارد المالية والتقنية، فضلاً عن ضعف الاتصالات والبنية التحتية في مناطق واسعة من البلاد، مما يحد من قدرة الإعلام على الوصول إلى الجمهور بشكل فعال.
- الأخبار المزيفة: انتشار الأخبار الكاذبة والمضللة يزيد من تعقيد المشهد الإعلامي، ويضعف الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام الرسمية، ما يعرقل جهود دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف.
أهمية دعم الإعلام المستقل والتنمية الرقمية
يحتاج الإعلام الصومالي إلى دعم مستدام يضمن استقلاليته وقدرته على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية. إن تعزيز مهارات الصحفيين، وتوفير البنية التحتية التقنية، ودعم الإعلام الرقمي، سيسهم بشكل كبير في وصول الرسالة الوطنية إلى شرائح واسعة من المجتمع، خصوصًا الشباب.
ويأتي دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف أيضًا عبر الإعلام الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي التي تعتبر أدوات رئيسية لنشر الوعي والتواصل مع الجمهور بطريقة أكثر تفاعلية وتأثيرًا، وهو أمر ضروري في مكافحة التطرف الذي يستخدم نفس القنوات لبث أفكاره.
تعرف المزيد: الصومال وموضة 2025: من يجرؤ على تجاهل هذا الجمال بعد الآن؟
دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف.. وأفق المستقبل

في ظل التحديات الراهنة، يظل دور الإعلام الصومالي في تعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة التطرف عنصرًا أساسيًا في بناء السلام والاستقرار. عبر تعزيز حرية التعبير، وحماية الصحفيين، وتحسين بيئة العمل الإعلامي، يمكن للإعلام أن يكون جسرًا للتواصل والوحدة الوطنية.
كما أن الاستثمار في الإعلام كمنصة توعية وتثقيف سيُسهم في الحد من التأثيرات السلبية للتطرف، ويعزز من ثقافة الحوار والتسامح، مما يدعم المسيرة الوطنية نحو دولة مستقرة ومزدهرة.