في خطوة سياسية تُعبّر عن توجه نحو الشفافية والشمول، عقد رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حسن شيخ محمود، اجتماعًا موسعًا مع قادة الأحزاب السياسية، وذلك في إطار التحضير لمنتدى التشاور الوطني في الصومال المزمع انعقاده قريبًا في العاصمة مقديشو. يُعد هذا اللقاء مرحلة أساسية من مراحل التمهيد للحوار الوطني، الذي يُعوّل عليه لتحقيق التوافق السياسي ووضع رؤية جماعية لمستقبل البلاد.
جاء لقاء الرئيس حسن شيخ محمود مع قادة الأحزاب في توقيت دقيق، حيث تشهد البلاد حالة من الترقب السياسي قبيل انعقاد منتدى التشاور الوطني في مقديشو. وقد أبدى الرئيس خلال الاجتماع التزامه الصريح بضرورة توسيع دائرة المشاركة السياسية وتعزيز الحوار كوسيلة أساسية لتجاوز الخلافات.
وأكد على أن التشاور الوطني في الصومال ليس مجرد فعالية سياسية، بل محطة حقيقية نحو ترسيخ العمل الديمقراطي وتعميق العلاقات بين الحكومة والمعارضة، ما يمهد الطريق أمام مرحلة أكثر استقرارًا وتفاهمًا بين مختلف القوى الفاعلة.
تحالفات سياسية جديدة أم خلافات قديمة؟
رغم الأجواء الإيجابية التي أحاطت باللقاء، لم يغب عن المتابعين أن اللقاء يعكس أيضًا قلقًا لدى الحكومة من تصاعد حدة الانقسامات السياسية في ظل استحقاقات حساسة، من بينها الإصلاحات الدستورية المنتظرة والاستعدادات المستقبلية للانتخابات العامة.
وقد صرّح أحد الحاضرين بأن اللقاء شهد “نقاشات صريحة” حول ضرورة تحييد المؤسسات الأمنية عن الصراعات السياسية، وضمان عدالة الفرص في التعبير السياسي والمشاركة في صناعة القرار. وتُعَدّ هذه النقاط من أبرز الملفات التي يتوقع طرحها في منتدى التشاور الوطني في الصومال قريبًا.
هل يفتح منتدى التشاور الوطني في الصومال الباب لإصلاحات حقيقية؟
يتفق العديد من المحللين أن منتدى التشاور الوطني في الصومال سيكون فرصة نادرة لرسم ملامح خارطة طريق موحدة، شريطة أن يتحلى المشاركون بروح المسؤولية الوطنية بعيدًا عن المصالح الحزبية الضيقة.
وكان الرئيس حسن شيخ قد أكد خلال الاجتماع أن الحكومة عازمة على تمكين الجميع من إيصال أصواتهم، وأن المنتدى سيُخصص لمناقشة ملفات مصيرية مثل: الأمن، الحكم المحلي، العدالة الانتقالية، والانتخابات.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى آلية مستقرة تسمح لنا ببناء توافق وطني لا يستثني أحدًا”، مؤكدًا أن التشاور الوطني سيكون شفافًا، ونتائجه ستُنشر على العلن.
أحزاب المعارضة ترحب..ولكن بحذر
من جانبها، أبدت عدة أحزاب معارضة ترحيبها بلقاء الرئيس، معتبرةً إياه بداية إيجابية، لكنها شددت على ضرورة أن تُترجم هذه اللقاءات إلى التزامات حقيقية على أرض الواقع. وأشارت إلى أن نجاح منتدى التشاور الوطني في الصومال لا يُقاس بعدد الكلمات، بل بمدى تنفيذ التوصيات وضمان عدم إقصاء أي طرف.
كما طالب ممثلو بعض الأحزاب بضرورة مشاركة المجتمع المدني في أعمال المنتدى، معتبرين أن النخبة السياسية وحدها لن تستطيع حمل مشروع الإصلاح ما لم يُبْنَ على مشاركة شعبية موسعة.
هل تنجح مقديشو في هندسة توافق سياسي شامل؟
في ظل تزايد الضغوط الإقليمية والدولية على الصومال لتحقيق تقدم سياسي وأمني، يبدو أن خيار الحوار الوطني لم يعد ترفًا سياسيًا بل ضرورة وطنية. اللقاء الذي جمع الرئيس حسن شيخ محمود بقادة الأحزاب قد يكون إشارة أولى على جدية المساعي نحو التوافق، لكن نجاح هذه المبادرة سيبقى مرهونًا بما إذا كانت ستُترجم إلى خطوات فعلية تُنهي حالة الانقسام وتضع حجر الأساس لمستقبل أكثر تماسكًا واستقرارًا.
تعرف المزيد على: الصومال يعزز جهوده البيئية: انطلاق المؤتمر الوطني للتغير المناخي في مقديشو