في خطوة سياسية مثيرة للجدل، أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن تأسيس حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال، مما أثار ردود فعل متباينة بين الأوساط السياسية والشعبية. يأتي هذا الإعلان في وقت حساس تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية نحو نظام انتخابي جديد يعتمد على مبدأ “شخص واحد، صوت واحد”، وسط مخاوف من أن يؤدي تأسيس الحزب إلى تركيز السلطة في يد الرئيس وتقويض التعددية السياسية.
تفاصيل تأسيس حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال وردود الفعل
أعلن الرئيس حسن شيخ محمود عن تأسيس حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال خلال اجتماع مع قادة المعارضة، مؤكدًا أن الحزب يهدف إلى استكمال الدستور المؤقت وبناء هيكل حكومي قوي مدعوم بقضاء مستقل. وأشار إلى أن من أولويات الحزب تحقيق نظام انتخابي يعتمد على مبدأ “شخص واحد، صوت واحد”، لتعزيز الديمقراطية والمشاركة الشعبية.
إلا أن هذا الإعلان عن حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال قوبل بانتقادات حادة من قبل بعض القادة السياسيين، حيث أعرب أحمد محمد إسلام “مدوبي”، رئيس ولاية جوبالاند، عن قلقه من أن الحزب الجديد يشبه حزب الثورة الاشتراكية الصومالي الذي أسسه الديكتاتور السابق محمد سياد بري. كما دعا رؤساء سابقون مثل محمد عبد الله فرماجو وشريف شيخ أحمد، بالإضافة إلى رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري، الرئيس إلى إعادة النظر في قراره.
مخاوف من تركيز السلطة وتأثيرها على الانتخابات
أثار تأسيس حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال مخاوف من إمكانية تركيز السلطة في يد الرئيس، خاصة وأن رئيس الوزراء حمزة عبدي بري ومعظم أعضاء الحكومة ينتمون إلى هذا الحزب. ويأتي ذلك في ظل استعداد البلاد لإجراء أول انتخابات تعتمد على مبدأ “شخص واحد، صوت واحد” منذ أكثر من 50 عامًا.
أشار المحلل السياسي محمد علمي أفراح إلى أن الهدف الأساسي من تأسيس الحزب قد يكون التلاعب بالعملية الانتخابية، مؤكدًا أن الرئيس يسعى إلى حل المجلس الاستشاري الوطني الذي يضم رؤساء الولايات الفيدرالية الخمس.
يعكس حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال التركيبة القبلية للصومال، حيث يضم أعضاء من ثلاث ولايات فيدرالية: عبد العزيز حسن محمد “لفتة غرّين” من الجنوب الغربي، علي عبد الله حسين “قودلاوي” من هيرشبيلي، وأحمد عبدي كاري “قور قور” من غلمدغ. ويمثل الرئيس حسن شيخ محمود عشيرة الهوية، بينما يشغل رئيس الوزراء حمزة بري منصب نائب الرئيس ويمثل عشيرة الدارود، ويشغل نائب رئيس الوزراء صلاح جما منصب نائب الرئيس ويمثل عشيرة الدير، ورئيس ولاية الجنوب الغربي عبد العزيز لفتة غرّين يمثل عشيرة الرحنوين، ونائبة رئيس مجلس النواب سعدة صمطار تمثل الأقليات.
التحذيرات الدولية والدعوات للحوار
أعربت الحكومة الأمريكية عن قلقها من التعديلات الدستورية التي يسعى الرئيس وحزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال إلى تنفيذها دون مشاورات واسعة مع الشعب الصومالي. وأكدت أن أي قرارات تُتخذ دون دعم واسع النطاق ستفتقر إلى الشرعية وقد تشتت الانتباه عن التحديات الأمنية الملحة.
من جانبه، أشار السفير الصومالي عبد الرحمن نور محمد “ديناري” إلى أن الانتخابات المقبلة لم يتم التخطيط لها بشكل كافٍ، محذرًا من أن اللجنة الانتخابية الحالية، التي تم تعيينها بدعم من الحكومة، قد لا تكون قادرة على إجراء انتخابات نزيهة.
دعوات لضمان نزاهة العملية الانتخابية
أكد المحلل السياسي عبد الوهاب شيخ عبد الصمد، المدير التنفيذي لمعهد دراسات القرن الأفريقي، على أهمية تشكيل هيئة انتخابية محايدة لضمان نزاهة وشمولية العملية الانتخابية. وأشار إلى أن الرئيس حسن شيخ محمود له الحق في تأسيس حزب سياسي والتفاعل مع الشخصيات السياسية، لكن يجب عليه أولاً ضمان عملية انتخابية ذات مصداقية وشاملة.
يثير تأسيس حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال جدلاً واسعًا حول مستقبل الديمقراطية في البلاد، خاصة في ظل المخاوف من تركيز السلطة وتأثير ذلك على نزاهة الانتخابات المقبلة. تتطلب المرحلة الحالية حوارًا وطنيًا شاملاً يضم جميع الأطراف السياسية لضمان انتقال سلمي وديمقراطي يعكس تطلعات الشعب الصومالي.
تساؤلات حول توقيت إطلاق حزب العدالة والتضامن الجديد في الصومال
يثير توقيت تأسيس حزب العدالة والتضامن في الصومال تساؤلات عديدة، خاصة أنه يأتي في ظل أزمات أمنية متفاقمة في البلاد، ومحاولات الحكومة تعزيز قبضتها على السلطة عبر إعادة هيكلة المشهد السياسي. ويرى مراقبون أن الإعلان عن الحزب في هذا التوقيت قد يكون محاولة لتقوية موقف الرئيس وحلفائه قبل الانتخابات المقبلة، بدلًا من التركيز على المصالحة الوطنية أو الحوار مع الولايات الرافضة.
غياب الشفافية في التحضير للانتخابات
تُضاف المخاوف المتعلقة بتأسيس حزب العدالة والتضامن في الصومال إلى التحديات القائمة بشأن غياب الشفافية في التحضير للانتخابات العامة. حيث اشتكت عدة أطراف معارضة من أن الحكومة الحالية تفتقر إلى آليات رقابة مستقلة، كما أن اللجنة الانتخابية تُتهم بأنها منحازة للرئيس الحالي، مما قد يُفقد العملية الانتخابية مصداقيتها في أعين المواطنين والمجتمع الدولي.
رغم محاولات تبرير تأسيس حزب العدالة والتضامن في الصومال بأنه خطوة إصلاحية، فإن هناك مؤشرات على وجود رفض شعبي متزايد، خصوصًا في مناطق مثل بونتلاند وجوبالاند. وقد صدرت تحذيرات من بعض النواب والسياسيين المستقلين من أن الانفراد في اتخاذ قرارات مصيرية دون توافق سياسي شامل قد يؤدي إلى اضطرابات جديدة ويقوض التقدم الديمقراطي الذي تسعى البلاد لتحقيقه منذ سنوات.
المخاوف من تقويض تعددية الأحزاب
يرى محللون أن تأسيس حزب العدالة والتضامن في الصومال قد يمثل بداية لتقويض التعددية الحزبية في البلاد، لا سيما أن الحزب يضم غالبية أعضاء الحكومة وشخصيات نافذة من الولايات. هذا الوضع قد يخلق نوعًا من “الحزب الحاكم المسيطر”، ويُعيد إلى الأذهان تجربة الأنظمة الأحادية التي عاشها الصومال في فترات سابقة، وهو ما يتناقض مع أهداف الإصلاح السياسي والدستوري الذي تنشده الحكومة في خطابها الرسمي.
تعرف المزيد على: تقليص قوات أميصوم في الصومال..خطر أمني يفتح ثغرة لتصاعد الإرهاب