احتفلت الصومال باليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي يوافق الثالث من مايو من كل عام، وذلك في إطار مشاركتها المجتمع الدولي في تقدير الدور المحوري الذي يلعبه الصحفيون، والتأكيد على أهمية حماية حرية التعبير وسلامة الإعلاميين، في ظل بيئة إعلامية تتسم بالتحديات والآمال في آنٍ واحد.
ويأتي هذا الاحتفال في وقت تزداد فيه أهمية الصحافة الحرة، خاصة في المجتمعات الخارجة من الصراعات، مثل الصومال، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز الحكم الرشيد وإعادة بناء مؤسساتها من خلال دور الصحفيين في نقل الحقائق، وكشف الفساد، وتحفيز المشاركة المجتمعية.
دعم عالمي لحرية الإعلام ومشاركة صومالية فعالة
تحت شعار حرية الصحافة دعامة للديمقراطية، احتفلت الصومال إلى جانب مختلف دول العالم بهذا اليوم الذي يسلط الضوء على ضرورة التزام الحكومات بحق الصحفيين في التعبير والعمل بحرية، دون تهديد أو رقابة أو تدخل. ويُعد اليوم العالمي لحرية الصحافة مناسبة لتذكير العالم بمضمون المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، التي تكفل حرية الرأي والتعبير.
وفي إطار هذه المناسبة، نظمت منظمة اليونسكو مؤتمرًا دوليًا سنويًا ضم إعلاميين ومهنيين وصناع قرار وممثلين عن المجتمع المدني لمناقشة التحديات والفرص أمام الصحافة، لا سيما في الدول التي تمر بمرحلة ما بعد النزاع. وتُعد هذه الفعاليات وسيلة لتعزيز التضامن الدولي من أجل حماية الصحفيين وضمان بيئة إعلامية حرة ومستقلة.
تطور الإعلام الصومالي رغم التحديات
رغم الظروف الأمنية والسياسية الصعبة التي تمر بها الصومال، فقد حقق الإعلام المحلي تقدمًا ملحوظًا خلال العقدين الماضيين، خاصة مع انتشار التكنولوجيا وزيادة إمكانية الوصول إلى المعلومات. هذه التحولات ساهمت في تعزيز حرية التعبير وخلق فضاء إعلامي أكثر تنوعًا، يتيح للصحفيين نقل مختلف وجهات النظر والتعبير عن مطالب الشارع الصومالي.
وقد أصبح الإعلام الصومالي اليوم أحد أبرز أدوات بناء السلام وتعزيز المشاركة المجتمعية، إذ تلعب المؤسسات الإعلامية دورًا فاعلًا في كشف الفساد وتسليط الضوء على قضايا المواطنين، ما يُشكل عنصرًا أساسيًا في دعم الديمقراطية الناشئة داخل البلاد. كما بات للصحفيين دور مهم في تثقيف المواطنين والدفاع عن الحقوق، رغم ما يواجهونه من مخاطر أثناء تأدية عملهم.
وفي هذا السياق، أثنى مراقبون ومؤسسات محلية على الصحفيين الصوماليين لما أظهروه من صمود ومهنية في تغطية الأخبار، مشيرين إلى أن تطور الإعلام في الصومال يثبت قدرة المجتمع على تجاوز الصعوبات وبناء دولة قائمة على الشفافية والمساءلة.
تعزيز حرية الصحافة مسؤولية مشتركة
وفي ظل التحولات المتسارعة، أكدت الجهات الرسمية والإعلامية في الصومال على ضرورة توفير بيئة قانونية ومهنية تضمن حرية الإعلام وسلامة الصحفيين. وقد دعت الوكالة الوطنية للأنباء الصومالية إلى الاستثمار في تدريب الصحفيين وتطوير مهاراتهم المهنية، معتبرة أن ذلك من العوامل الأساسية لتعزيز حرية الصحافة في البلاد.
لكن حرية الصحافة، كما أشارت المؤسسات الإعلامية، لا تعني العمل دون ضوابط. فهناك مسؤولية أخلاقية ومهنية تقع على عاتق الصحفيين تتمثل في نقل الحقيقة بدقة وحيادية، والابتعاد عن نشر المعلومات المضللة أو الوقوع في فخ الاستقطاب السياسي. كما يجب على الصحفي أن يكون أداة لبناء الوعي وليس وسيلة للصراع أو التفرقة.
وقد شددت الجهات الإعلامية على أن دعم الإعلام لا يتوقف عند رفع الشعارات، بل يجب أن يتجسد في سياسات واضحة تحمي الصحفيين من العنف والانتهاكات، وتوفر لهم بيئة عمل تتيح الإبداع والتميز.
في هذا الإطار، دعت الهيئات الإعلامية والمجتمع المدني في الصومال إلى مراجعة السياسات والقوانين المتعلقة بحرية الصحافة، والعمل على تطويرها بما يضمن استقلالية وسائل الإعلام ويُحصّن الصحفيين من الانتهاكات والضغوط السياسية. كما شددت على أهمية توفير الدعم المالي واللوجستي للمؤسسات الإعلامية المحلية لضمان استمراريتها في تقديم محتوى مهني يخدم الصالح العام.
وفي ختام فعاليات اليوم العالمي لحرية الصحافة، وجهت الوكالة الوطنية للأنباء الصومالية تحية تقدير لكل الصحفيين الذين يواصلون أداء رسالتهم رغم التحديات، مؤكدة أن التزامهم بالحقيقة ونقل الوقائع بدقة يمثل حجر الأساس في بناء مجتمع حر وشفاف. وأعربت عن أملها في أن تكون المناسبة دافعًا لمزيد من الإصلاحات الداعمة لبيئة إعلامية أكثر حرية وأمانًا في الصومال.
كما وجهت الوكالة الوطنية للأنباء في الصومال التهنئة لكافة الصحفيين العاملين في البلاد وفي أنحاء العالم، مؤكدة أن جهودهم الدؤوبة في البحث عن الحقيقة تسهم في تشكيل مجتمع أكثر وعيًا ومشاركة، وتمثل حجر الأساس لبناء صومال أكثر ديمقراطية وعدالة.
تعرف المزيد على: العملية العسكرية ضد حركة الشباب في إقليم هيران تسفر عن مقتل 25 مسلحًا