تصاعد الجدل مجددًا حول الغارات الأمريكية في الصومال بعد أن نفت حركة الشباب، الموالية لتنظيم القاعدة، مزاعم الجيش الأمريكي بشأن مقتل تاجر أسلحة في ضربة بطائرة مسيّرة شمال شرق البلاد. الحركة أكدت أن الرجل المستهدف شيخ عشيرة معروف وليس عضوًا في صفوفها، معتبرة أن الرواية الأمريكية محاولة لتبرير قتل المدنيين
رواية أفريكوم والجدل حول هوية المستهدف..

أعلنت القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) أن الضربة التي نُفذت في 13 سبتمبر استهدفت “تاجر أسلحة من حركة الشباب”. لكن هذه الصياغة الغامضة زادت من الغضب المحلي، خاصة أن الضحية، بحسب وجهاء العشائر، شيخ عمر عبدالله عبدي عاش حياته في مناطق بونتلاند ويتنقل علنًا بين بوساسو وغاروي.
ويرى مراقبون أن مثل هذه الغارات الأمريكية في الصومال غالبًا ما تُبنى على معلومات استخباراتية مشكوك في صحتها، مما يثير تساؤلات حول الشفافية والمحاسبة.
اتهامات باستهداف المعارضين تحت غطاء مكافحة الإرهاب

حركة الشباب أشارت في بيانها إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استغلال الغارات الأمريكية في الصومال لقتل شخصيات مدنية أو سياسية. فقد سبق أن قُتل 13 عنصرًا من قوات غالمودوغ عام 2016 بطائرة مسيّرة، ورغم أن واشنطن ادعت حينها أنهم من مقاتلي الحركة، تبيّن لاحقًا أنهم من القوات الموالية للحكومة.
ويؤكد محللون صوماليون أن بعض الضربات تُنفذ بناء على معلومات مقدمة من خصوم سياسيين أو أطراف محلية تسعى لتصفية حساباتها.
احتجاجات شعبية وغضب مشتعل في سناغ

في أعقاب الغارة الأخيرة، خرجت تظاهرات في بلدة بادهان، مسقط رأس الشيخ، رفضًا لما اعتبروه “قتلًا متعمدًا لمدني بريء”. المتظاهرون شددوا على أن مثل هذه الغارات الأمريكية في الصومال تزرع مشاعر عداء بين السكان وتفاقم الأوضاع الأمنية بدلًا من معالجتها.
الحكومة الفيدرالية صامته..

رغم أن أفريكوم أكدت أن العملية تمت بالتنسيق مع الحكومة الصومالية، لم يصدر أي تعليق رسمي من مقديشو حتى الآن. هذا الصمت يثير مزيدًا من التساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة على علم بتفاصيل الضربة أم أنها وُضعت أمام الأمر الواقع.
ويحذر مراقبون من أن استمرار الصمت الحكومي أمام تزايد الغارات الأمريكية في الصومال قد يضعف ثقة الشارع في مؤسسات الدولة.
ضحايا بلا تعويضات ولا اعتذار
التقارير الحقوقية تؤكد أن مئات المدنيين الصوماليين قُتلوا أو جُرحوا منذ بدء الغارات الأمريكية في الصومال، بينهم نساء وأطفال. في معظم الحالات، يتم تصنيف الضحايا على أنهم “إرهابيون”، قبل أن تكشف التحقيقات لاحقًا أنهم مدنيون أبرياء. ومع ذلك، نادرًا ما يحصل الأهالي على تعويضات أو حتى اعتذار رسمي.
ويقول ناشطون إن هذا النهج يعمّق مشاعر الغضب والعداء تجاه واشنطن، ويغذي خطاب حركة الشباب التي تقدم نفسها كمدافع عن المظلومين.
تساؤلات بلا إجابة
قضية مقتل الشيخ في سناغ سلطت الضوء مجددًا على الثغرات في طريقة تنفيذ الغارات الأمريكية في الصومال. لماذا لم يتم اعتقال الرجل إذا كان حقًا تاجر أسلحة؟ ومن قدّم المعلومات الاستخباراتية التي قادت إلى استهدافه؟ ولماذا تأخر الإعلان الأمريكي خمسة أيام كاملة بعد الضربة؟
هذه الأسئلة المفتوحة تزيد من الشكوك حول الأهداف الحقيقية للعمليات الأمريكية، وتطرح تحديات جديدة أمام الحكومة الصومالية في إدارة العلاقة مع حليفتها العسكرية.
تعرف المزيد: ترامب يهاجم إلهان عمر: هجوم يتجاوز السياسة إلى جذورها الصومالية
سواء كان الشيخ المستهدف مدنيًا بريئًا أو مرتبطًا بأنشطة غير قانونية، فإن طريقة تنفيذ الضربة أثارت موجة غضب واسعة، ورسخت صورة قاتمة عن الغارات الأمريكية في الصومال. ومع غياب الشفافية والتعويضات، يبقى المدنيون هم الحلقة الأضعف في حرب لم تنتهِ فصولها بعد.