في الوقت الذي تواصل فيه السلطات الصومالية جهودها لمكافحة الإرهاب، يكشف تقرير حديث عن معهد أمريكي متخصص أن تنظيم داعش في الصومال ما زال يحتفظ بموطئ قدم في بونتلاند شمال شرق البلاد. ومع تحذيرات بشأن عودة محتملة للتنظيم، تسعى مقديشو لاعتماد تكتيكات أمنية جديدة لمحاصرة الجماعات المتطرفة، أبرزها تخصيص مكافآت مالية مقابل المعلومات الأمنية.
تهديد متجدد في بونتلاند: «تنظيم داعش في الصومال» يعاود الظهور
رغم الحملات العسكرية المكثفة التي شنتها سلطات بونتلاند على معاقل تنظيم داعش في الصومال في جبال علمسكاد بمنطقة باري، إلا أن تقريرًا أصدره معهد دراسات الحرب في الولايات المتحدة حذر من أن تنظيم داعش في الصومال لا يزال يمثل تهديدًا أمنيًا خطيرًا. ووفقًا للتقرير، فإن الطبيعة الجغرافية الوعرة والسواحل الطويلة للإقليم تمنح داعش فرصة لإعادة تشكيل خلاياه، خاصة في ظل «الضغط غير المتواصل» من القوات الحكومية.
وقد تمكنت القوات المحلية من تحقيق بعض النجاحات الميدانية، مثل تدمير مستودعات أسلحة والسيطرة على مواقع استراتيجية، إلا أن غياب خطة أمنية طويلة الأمد لتثبيت الاستقرار بعد الحملات يُعد نقطة ضعف واضحة قد يستغلها التنظيم للعودة من جديد.
حملة أمنية على المهاجرين والسلاح..دون نتائج حاسمة
في محاولة للحد من تمدد تنظيم داعش في الصومال، أطلقت سلطات بونتلاند حملات أمنية استهدفت المهاجرين غير النظاميين، خاصة في مدينة بوصاصو، حيث تم اعتقال المئات. ويُنظر إلى هذه الإجراءات على أنها مسعى لوقف تدفق المقاتلين الأجانب المنضمين إلى الجماعة المتطرفة، غير أن نجاح هذه الإجراءات لا يزال موضع شك.
التقرير الأمريكي لفت إلى مخاوف من استمرار تهريب الأسلحة من اليمن إلى الصومال عبر البحر الأحمر، واتهم جماعة الحوثي بتسهيل هذا التدفق لصالح تنظيم داعش في الصومال. وتثير هذه المعلومات أسئلة حول قدرة الأجهزة الأمنية الصومالية على مراقبة الحدود البحرية وتأمينها.
مكافأة مالية في مقديشو..والدولار سلاح ضد «الهاون»
في العاصمة مقديشو، تتخذ السلطات إجراءات موازية لتعزيز الأمن، خاصة في ظل تصاعد الهجمات الإرهابية التي تستهدف أحياء مدنية ومراكز استراتيجية. وأعلن قائد شرطة إقليم بنادر معلم مهدي عن مكافأة مالية تصل إلى 30 ألف دولار لكل من يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على منفذي هجمات قذائف الهاون.
هذه المبادرة تعكس تحولًا في التفكير الأمني، من المواجهة المباشرة إلى تعزيز دور المجتمع في الوقاية والتبليغ. مهدي شدد على أن حماية العاصمة مسؤولية جماعية، داعيًا السكان إلى عدم التهاون مع أي تحركات مشبوهة.
مطار «آدم عدي» هدف متكرر..والقلق يتصاعد
آخر الهجمات في مقديشو استهدفت مطار «آدم عدي» الذي يُعد من أكثر المواقع حراسة في العاصمة، ما أسفر عن حالة من الذعر بين الموظفين والسكان. هذا المطار ليس مجرد مرفق للنقل، بل هو نقطة استراتيجية للحكومة والمنظمات الدولية، ما يجعله هدفًا دائمًا للجماعات الإرهابية.
وسقوط ثماني قذائف هاون في محيط المطار يثير أسئلة حول فعالية الإجراءات الأمنية الحالية، ويؤكد الحاجة الملحة إلى حلول متكاملة تشمل الاستخبارات، والتقنيات الحديثة، والتعاون الدولي.
خطر الإرهاب يتجدد والصومال بحاجة لخطة وطنية شاملة
في ظل هذه التطورات، يتضح أن التهديدات الإرهابية لم تختفِ من الصومال، بل تغيرت تكتيكاتها وتوسعت جغرافيًا. ورغم المكاسب الأمنية المحققة، إلا أن غياب خطة استراتيجية مستدامة قد يفسح المجال لعودة التنظيمات المتطرفة. لذا، فإن الاستثمار في أجهزة الأمن، وتعزيز التعاون مع المجتمع، وتكثيف المراقبة الحدودية تظل أولويات ملحة للحفاظ على الاستقرار الهش في البلاد.
تعرف المزيد على: وزير الدفاع الصومالي يؤكد: استعدادات لاستعادة المناطق المتبقية من سيطرة الميليشيات الإرهابية