في لحظة وصفت بالنادرة سياسيًا، شهدت العاصمة الصومالية مقديشو حالة من التوافق والتهاني الجماعية غير المسبوقة بعد تعيين الدكتور يوسف حسين جمعالي المعروف بـ الدكتور مونغاب عمدة جديدًا للعاصمة ومحافظًا لإقليم بنادر. هذا القرار الذي أعلنه الرئيس حسن شيخ محمود لم يمرّ مرور الكرام، بل أشعل موجة من التأييد والدعم من مختلف مكونات المجتمع الصومالي، بدءًا من الشارع الشعبي وحتى الدوائر الحكومية والسياسية.
خلفية قرار تعيين الدكتور مونغاب وتوقيته
جاء تعيين الدكتور مونغاب في وقت حساس تمر فيه العاصمة بتحديات أمنية وإدارية معقدة. وقد عُرف مونغاب سابقًا بخبرته الإدارية والسياسية الواسعة، إذ شغل نفس المنصب بين عامي 2014 و2017، وحقق خلال تلك الفترة بعض النجاحات في ملفات الأمن وتنظيم المدينة. لذا رأى كثير من المراقبين أن العودة إلى شخصية مجرّبة مثل مونغاب يحمل رسالة واضحة: التركيز على الاستقرار والكفاءة.
التوقيت نفسه له دلالة، إذ يأتي بعد أشهر من تعثر بعض مشاريع التنمية في العاصمة، وتزايد الحاجة إلى شخصية تنفيذية تتمتع بالحزم والتأييد الشعبي لتقود دفة العاصمة الأكثر ازدحامًا وتأثيرًا في الصومال.
مشهد نادر: دعم شعبي ورسمي موحّد
لم يشهد الشارع الصومالي منذ فترة طويلة هذا النوع من الإجماع على مسؤول معيّن. فقد تفاعل المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي ومجالس العاصمة برسائل ترحيب وتشجيع لمونغاب، معربين عن أملهم في أن يحمل معه عهدًا جديدًا من التنمية وتحسين مستوى الخدمات.
اللافت أيضًا أن مختلف الفاعلين في الحكومة والبرلمان وحتى المجتمع المدني باركوا هذا التعيين، مما يشير إلى أن مونغاب لا يُنظر إليه فقط كعمدة، بل كرجل توافقي يمكنه أن يلعب دورًا أكبر في حلحلة ملفات العاصمة.
تحديات تنتظر العمدة الجديد الدكتور مونغاب
رغم أجواء التهاني، إلا أن الواقع في مقديشو لا يخلو من التحديات. فالعاصمة ما تزال تواجه خطر الخلايا الإرهابية، إضافة إلى ضعف البنية التحتية، وانتشار العشوائيات، ونقص الخدمات الأساسية. وسيكون أمام الدكتور مونغاب اختبار حقيقي يتمثل في قدرته على تحقيق إنجازات ملموسة تعزز ثقة الناس به وتدعم شرعيته الإدارية.
كما سيكون مطلوبًا منه التعامل بحكمة مع التوازنات السياسية الحساسة داخل الحكومة وبين العشائر، دون أن يفقد بوصلته نحو خدمة المواطن وتحقيق الإصلاح الإداري.
رمزية التوافق في مرحلة بناء الدولة
تعيين مونغاب وما تبعه من توافق يعكس أيضًا نضوجًا نسبيًا في المشهد السياسي الصومالي، حيث باتت بعض القرارات تُقابل بالتقدير لا بالتحزّب أو التشكيك. وهو ما قد يُعدّ مؤشرًا إيجابيًا على تطور الفهم السياسي لدى المؤسسات والمجتمع، واستعداد الجميع لوضع المصلحة العامة فوق الخلافات.
ولعل أهم ما يحتاجه الصومال اليوم هو أمثال هذه اللحظات من التوافق الوطني، التي تُعلي من شأن الكفاءة والخبرة على حساب الولاءات الضيقة، وتفتح باب الأمل في بناء دولة قوية قائمة على المؤسسات لا على الأشخاص فقط.
تعرف المزيد على: لقاء صومالي جيبوتي لتعزيز الأمن والتعاون الثنائي