في الوقت الذي تكثف فيه الحكومة الصومالية حملتها العسكرية تقليص قوات أميصوم في الصومال ضد حركة الشباب الإرهابية، يلوح في الأفق تحدٍ استراتيجي خطير، يتمثل في تقليص قوات بعثة الاتحاد الإفريقي “أميصوم” في البلاد. هذا التحرك الذي يبدو إجرائيًا، قد يفتح الباب أمام تصاعد جديد في هجمات الجماعات المتطرفة ويعيد خلط أوراق الأمن الهش في الصومال.
نجاحات ميدانية تخفي تحديات أمنية متصاعدة
تمكّن الجيش الوطني الصومالي، بدعم من القوات المحلية، من تنفيذ عملية عسكرية تقليص قوات أميصوم في الصومال نوعية في إقليم “هيران”، أسفرت عن مقتل أكثر من 70 عنصرًا من حركة الشباب خلال 48 ساعة من الاشتباكات المتواصلة. الهجوم تزامن مع غارات جوية دقيقة نفذها سلاح الجو، استهدفت مخازن أسلحة ومعسكرات للمسلحين جنوب البلاد.
لكن رغم هذا التقدم، يثير تقليص قوات أميصوم في الصومال المخاوف من حدوث فراغ أمني خطير، قد تستغله الجماعات الإرهابية لاستعادة مواقعها وشن هجمات نوعية، كما حدث في التفجير الانتحاري الأخير الذي استهدف معسكرًا لتجنيد المجندين الجدد في مقديشو.
تحذيرات سياسية من التوقيت والنتائج
تأتي هذه المستجدات بينما تحذر تقارير أمنية من خطورة توقيت تقليص بعثة أميصوم، في ظل عدم اكتمال الجاهزية الأمنية للحكومة الصومالية لتولي المسؤولية الكاملة. وأشار محللون إلى أن انسحاب أميصوم دون خطة بديلة متكاملة قد يشجع الجماعات الإرهابية على إعادة الانتشار وتوسيع رقعة نشاطها.
رئيس الوزراء حمزة عبدي بري شدد في خطابه الأخير على أن “الدفاع عن الوطن واجب ديني وأخلاقي”، داعيًا الشعب الصومالي إلى مؤازرة القوات المسلحة في حربها ضد الإرهاب، ومؤكدًا استمرار العمليات حتى القضاء التام على الجماعات المتطرفة.
خطر يهدد مكتسبات التحول الديمقراطي
إلى جانب المعركة العسكرية، تقود الحكومة الصومالية جهودًا لإرساء نظام ديمقراطي عبر اعتماد مبدأ “الصوت الواحد لكل مواطن”. لكن مراقبين يرون أن نجاح هذا المسار يتطلب استقرارًا أمنيًا لا يتأتى دون دعم خارجي فعال ومستمر، وهو ما يُفقد تدريجيًا مع انسحاب أميصوم.
يرى خبراء أن تقليص قوات أميصوم في الصومال وجود القوات الإفريقية سيقلل من الثقة الدولية في العملية الانتقالية، كما قد يعزز مخاوف الناخبين من استهدافهم في حال لم تسيطر الحكومة بالكامل على المشهد الأمني.
تداعيات إقليمية تهدد المحيط الإفريقي
الانسحاب الجزئي تقليص قوات أميصوم في الصومال لا يمثل تحديًا محليًا فقط، بل يهدد مجمل الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي. فالصومال لا يزال يشكل جبهة أمامية في مواجهة التمدد الإرهابي في إفريقيا، وأي انتكاسة أمنية فيه قد تمتد تداعياتها إلى دول الجوار مثل كينيا وإثيوبيا، وحتى سواحل اليمن.
رسالة الرئيس الصومالي في القمة العربية: توحيد الجهود ضرورة
على المستوى الدبلوماسي، دعا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال كلمته في القمة العربية ببغداد إلى ضرورة تحرك عربي مشترك لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. وأكد أن ما يواجهه الصومال من تهديدات هو جزء من معركة إقليمية أكبر ضد التطرف والإرهاب، داعيًا إلى دعم الدولة الصومالية في معركتها المصيرية.
تعرف المزيد على: استخدام الغذاء كسلاح في الصومال..كيف تحوّله الجماعات الجهادية إلى أداة للسيطرة والتمدد؟