في مدينةٍ أنهكتها الصراعات وتهفو أرواح أهلها لمستقبل أفضل، تبرز كل مبادرة تعليمية كأنها شعلة أمل. هكذا كانت لحظة وضع حجر الأساس لمدرسة دَرمولي للبنات في مقديشو، أكثر من مجرد حدث رسمي؛ بل وعد بمستقبلٍ يحمل للطالبات مساحة آمنة للعلم والنهوض.
مدرسة دَرمولي للبنات..مشروع يبدأ بالأمل
أعلن محافظ بنادر وعمدة مقديشو يوسف حسين جمعاله، عن بدء تنفيذ مشروع مدرسة دَرمولي للبنات، عبر وضع حجر الأساس في حفل رسمي شهده عدد من المسؤولين والقيادات المجتمعية.
ويهدف المشروع إلى توفير بيئة تعليمية متكاملة للفتيات في حي دَرمولي، ضمن جهود الحكومة المحلية لتعزيز تعليم الفتيات وتوسيع نطاق المؤسسات التعليمية في العاصمة.
تطوير تعليمي في قلب العاصمة
يمثل المشروع خطوة في إطار خطة تنموية متكاملة تتبناها محافظة بنادر، تستهدف البنية التحتية التعليمية في المناطق الأكثر حاجة.
وأكد المحافظ في كلمته أن المدرسة ستكون مجهزة بكافة المرافق الأساسية، وستعمل على احتواء مئات الطالبات في مراحل التعليم الأساسي، مضيفًا أن تعليم البنات أولوية لا يمكن تأجيلها في مسيرة بناء الدولة.
المجتمع المحلي في قلب الحدث
شهد الحفل حضور وجهاء وأعيان الحي، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات مدنية وشخصيات تربوية، ما يعكس تلاحم الجهود الرسمية والمجتمعية لدعم التعليم.
كما أعرب عدد من أولياء الأمور عن امتنانهم للخطوة، مؤكدين أن مدرسة دَرمولي للبنات تمثل بداية جديدة لطالبات الحي، وتمنحهن حقًا طال انتظاره في بيئة تعليمية قريبة وآمنة.
تعليم الفتيات..رسالة تتجاوز البناء
لا تقتصر أهمية مشروع مدرسة دَرمولي للبنات على الجانب العمراني، بل تتعداه إلى رسالة مجتمعية عميقة تعزز من مكانة المرأة في المجتمع الصومالي. فكل صف دراسي يُبنى، هو مساحة تُمنح للفتيات كي يصنعن مستقبلهن بأيديهن.
وفي ظل التحديات التي تواجه تعليم الفتيات، خصوصًا في المجتمعات المهمشة، تأتي هذه المبادرة لتؤكد التزام الحكومة المحلية بتمكين المرأة من خلال التعليم، بوصفه الوسيلة الأنجع لمكافحة الفقر والعنف والتطرف.
محافظة بنادر تواصل مشاريع البنية التحتية
مدرسة دَرمولي ليست المشروع الأول ضمن مساعي محافظة بنادر لتطوير البنية التحتية، بل تأتي ضمن سلسلة مبادرات تشمل بناء الطرق والمراكز الصحية والمدارس.
ويُعد التركيز على التعليم ركيزة استراتيجية في خطة المحافظة، إذ تؤمن القيادة المحلية بأن نهضة العاصمة تبدأ من المدرسة، وأن الاستثمار الحقيقي هو في عقول الأجيال القادمة.
المشروع يمثّل نموذجًا للتخطيط المتكامل، ويعكس شراكة فعالة بين الحكومة والمجتمع لتعويض سنوات من الإهمال.
رغم أهمية هذه الخطوة، إلا أن الواقع التعليمي في مقديشو ما زال بحاجة إلى جهود متواصلة لتلبية احتياجات آلاف الطالبات اللاتي ما زلن خارج أسوار المدارس.
ويأمل أهالي حي دَرمولي أن تُستكمل هذه المبادرة بمدارس أخرى في الأحياء المجاورة، إلى جانب تدريب المعلمات وتوفير الوسائل التعليمية الحديثة.
كما دعا نشطاء المجتمع المدني إلى تعزيز الرقابة على تنفيذ المشاريع التعليمية وضمان استدامتها، لتتحول مثل هذه المبادرات إلى منظومة دائمة تصنع التغيير الحقيقي.
في بلد يتطلع لمستقبل ينقض غبار الصراعات، تبقى مشاريع التعليم مثل مدرسة دَرمولي للبنات هي الاستثمار الأصدق في الأمل. فبين جدران هذه المدرسة المرتقبة، ستتشكل أجيال جديدة قادرة على إعادة صياغة الحاضر، وبناء صومالٍ أقوى وأكثر عدالة.
تعرف المزيد على: العيد الذي مرّ..والخطر الذي لم يرحل: خوارج العصر في مرمى الوعي