لم يعد ملف المهاجرين الصوماليين في أوروبا مجرد قضية إنسانية، بل تحول إلى أزمة سياسية ودبلوماسية معقدة. ففي الأشهر الأخيرة، تصاعدت أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا بعدما رفضت مقديشو استقبال مواطنين مدانين بجرائم خطيرة. أدي هذا الرفض الي استمرار النقاش وتخطية حدود الترحيل، بل فتح الباب و وجه الأنظار الي فضائح الفساد والتوترات المتصاعدة مع المانحين الأوروبيين الذين يربطون مساعداتهم بالتعاون في هذا الملف.
توتر صاعد مع فنلندا

بدأت الأزمة تتصاعد حين التقى وزير الأمن الصومالي عبد الله إسماعيل فرتاج بنظيرته الفنلندية ماري رانتانين في هلسنكي. خلال الاجتماع، انتانين طالبت بترحيل بعض المواطنين الصوماليين الذين أُدينوا في قضايا اغتصاب وسرقة، كما ربطت استئناف المساعدات التنموية المجمدة بقبول الحكومة الصومالية إعادتهم. لكن الوزير الصومالي رفض بشكل قاطع، ما جعل أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا تتصدر الأجندة السياسية في هلسنكي.
الموقف السويسري

لم تقتصر الضغوط على فنلندا، إذ حاولت سويسرا قبل أشهر ترحيل ثلاثة صوماليين إلى مقديشو، لكن وزارة الأمن الصومالية رفضت الطلب بحجة أن عودتهم غير آمنة. تكرار الرفض يعكس إصرار الحكومة الصومالية على عدم الدخول في صفقات حول مواطنيها، لكنه في الوقت نفسه يعمق أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا ويزيد من التوتر مع أوروبا.
ضحايا عالقين غير مرغوبين

بحسب تقديرات الجالية الصومالية في فنلندا، يتأثر ما بين 100 و200 شخص بهذه القرارات، بينهم مدانون بجرائم وأشخاص ألغيت تصاريح إقامتهم. بعضهم عاد طواعية، لكن الغالبية ترفض العودة خوفًا من انعدام الأمان. هكذا يجد هؤلاء أنفسهم عالقين في قلب أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا، حيث لا يرغب الأوروبيون في إبقائهم ولا تقبل بهم سلطات بلادهم.
تعليق المساعدات لتحقيق التقدم

لطالما كانت فنلندا داعمًا رئيسيًا لمؤسسات الدولة الصومالية، إذ ساهمت في بناء مقر إدارة الهجرة في مقديشو بتمويل تجاوز 6.8 مليون دولار، كما مولت مشاريع إعلامية وتنموية. غير أن تعليق المساعدات منذ نوفمبر الماضي جاء رسالة واضحة لن تُستأنف المساعدات إلا إذا تحقق تقدم في ملف أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا.
لكن المفارقة تكمن في أن بعض موظفي الهجرة الذين دربتهم ومولتهم الأموال الأوروبية تورطوا في تسهيل الهجرة غير الشرعية، وهو ما يطرح أسئلة حول جدوى الدعم الخارجي في ظل تفشي الفساد.
فضائح أدت الي أزمة ثقة دولية
الأزمة أخذت بعدًا أخطر بعد اعتقال دبلوماسي صومالي في أيرلندا وهو يستخدم جوازات سفر دبلوماسية لتهريب البشر. هذه الفضيحة سلطت الضوء على ضعف المؤسسات الصومالية، وربطت بين ملف الفساد الداخلي وبين أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا، لتتحول القضية من مجرد جدل إداري إلى أزمة ثقة دولية.
تداعيات على الجالية الصومالية
الجالية الصومالية في أوروبا هي الطرف الأكثر تأثرًا. كثيرون يرون أن ربط المساعدات بملف الترحيل يضر بالصوماليين العاديين أكثر مما يضغط على الحكومة. فبينما تبرر مقديشو موقفها بأن العودة غير آمنة، يواجه أفراد الجالية عزلة اجتماعية وقانونية، ما يزيد من حدة أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا.
تعرف المزيد: العلاقات الصومالية الصربية تتعزز بتوقيع اتفاقية صحية جديدة
تجاوزت أزمة ترحيل الصوماليين من فنلندا وسويسرا حدود الجدل القانوني لتصبح اختبارًا حقيقيًا لعلاقة مقديشو بالاتحاد الأوروبي. فهي تكشف التناقضات بين خطاب الحكومة حول الأمن وواقع الفساد داخل مؤسساتها، كما تكشف كيف تُستخدم المساعدات كورقة ضغط سياسي. وبينما يظل المواطنون البسطاء هم الضحايا الرئيسيين، يبقى السؤال: هل تستطيع الصومال معالجة هذه الأزمة بما يحفظ سيادتها وكرامة مواطنيها، أم ستظل رهينة فضائح الفساد وضغوط المانحين؟