مقديشو –لا تزال قضية ترحيل الصوماليين من السويد تثير نقاشاً واسعاً داخل الصومال وفي أوساط الجاليات الصومالية في أوروبا، بعد اتهامات طالت مكتب رئيس الوزراء الصومالي بالتورط في تسهيل إعادة مواطنين صوماليين رفضت طلبات لجوئهم لدى السلطات السويدية. ويأتي هذا الجدل في توقيت حساس، مع تشديد ستوكهولم إجراءاتها المتعلقة بالهجرة، ما أضفى على الملف أبعاداً سياسية وإنسانية معقدة.
اتهامات بتنسيق مباشر مع ستوكهولم

بحسب منتقدين، فإن عدداً من المؤسسات الحكومية الصومالية، بما فيها وحدات على صلة بمكتب رئيس الوزراء، تعمل بتنسيق وثيق مع الجهات السويدية المختصة. ويقول هؤلاء إن هذا التنسيق يهدف إلى تسريع إجراءات الترحيل، من خلال تسهيل إصدار وثائق السفر، والتحقق من الهويات، وإنهاء الموافقات الإدارية المطلوبة. ويرى معارضو هذه الخطوات أن ما يجري يتجاوز الإطار القنصلي المعتاد، ويمثل انخراطاً مباشراً في ملف ترحيل الصوماليين من السويد، خصوصاً في ظل الجدل الدائر داخل السويد حول اتفاقية العودة الموقعة مع مقديشو، والتي تسمح بإعادة طالبي اللجوء المرفوضين قسراً، رغم التحذيرات المتكررة من هشاشة الأوضاع الأمنية في الصومال.
علامات استفهام حول أموال المساعدات
التقارير الإعلامية السويدية زادت من تعقيد المشهد، بعدما تحدثت عن استخدام جزء من أموال المساعدات التنموية المقدمة للصومال لدعم هياكل إدارية تشارك في معالجة ملفات العودة. هذا الأمر أثار انتقادات منظمات حقوقية وسياسيين معارضين، اعتبروا أن ربط المساعدات بملف ترحيل الصوماليين من السويد يشكل سابقة خطيرة. ويحذر هؤلاء من أن تتحول المساعدات الدولية إلى وسيلة ضغط سياسي، تدفع حكومات تعاني من أزمات اقتصادية حادة إلى القبول بسياسات لا تراعي أوضاع مواطنيها المقيمين في الخارج.
مخاوف حقوقية وأمنية متصاعدة

من جانب آخر، يجدد ناشطون حقوقيون تحذيراتهم من مخاطر العودة القسرية إلى الصومال، مشيرين إلى استمرار التحديات الأمنية وضعف مؤسسات الدولة. ويؤكدون أن كثيراً من المرحلين يواجهون واقعاً قاسياً، يتمثل في غياب فرص العمل، وانعدام شبكات الدعم الاجتماعي، إضافة إلى مخاطر العنف وعدم الاستقرار. وبحسب هؤلاء، فإن أي تعاون رسمي في ملف ترحيل الصوماليين من السويد يتجاهل هذه الحقائق، ويضع الاعتبارات السياسية والمالية فوق سلامة المواطنين الصوماليين في المهجر.
ردود حكومية غير مباشرة
حتى الآن، لم تصدر الحكومة الصومالية بياناً رسمياً يوضح موقفها من هذه الاتهامات. غير أن مصادر مطلعة داخل مكتب رئيس الوزراء تقول إن التعاون مع السويد يُقدَّم على أنه تنسيق فني لا أكثر، يهدف إلى التعامل مع الملفات القنصلية للمواطنين الصوماليين. وتشدد هذه المصادر على أن ذلك لا يعني تبني سياسة داعمة أو مشجعة على ترحيل الصوماليين من السويد، معتبرة أن بعض الانتقادات تذهب أبعد من الواقع القائم.
السويد والجالية الصومالية في أوروبا

في المقابل، تتمسك السويد بسياساتها، مؤكدة أن الصومال استقبلت خلال السنوات الماضية عدداً من المرحلين، بينهم أشخاص صدرت بحقهم أحكام جنائية. كما لوحت ستوكهولم بإمكانية ربط المساعدات التنموية بشكل أوثق بمدى تعاون الدول في استقبال مواطنيها الذين صدرت بحقهم قرارات مغادرة. هذه التطورات عمّقت الانقسام داخل الجالية الصومالية في أوروبا، حيث طالبت مجموعات مجتمعية مقديشو باتخاذ موقف علني يرفض ترحيل الصوماليين من السويد، والعمل على توفير حماية قانونية وإنسانية أقوى لمن يواجهون خطر الإعادة القسرية.
لمعرفة المزيد: إريتريا تنسحب من منظمة إيجاد وسط قلق أممي من تصاعد التوتر مع إثيوبيا
تطورات متلاحقة متوقعة
وفي ظل استمرار هذا السجال، يبقى ملف ترحيل الصوماليين من السويد مفتوحاً على تطورات متلاحقة، تعكس حجم التحديات التي يعيشها الصوماليون بين سياسات الهجرة الأوروبية وتعقيدات الواقع في بلدهم الأم.
