في تحول استراتيجي مثير للجدل، بدأت الولايات المتحدة في تقليص دعمها العسكري والإنساني للصومال، مما يثير مخاوف من تأثيرات سلبية على جهود مكافحة حركة الشباب، الجماعة المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تشكل تهديدًا أمنيًا إقليميًا.
تراجع الدعم الأمريكي في مكافحة حركة الشباب وتأثيره على القدرات الأمنية
منذ تولي الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية، شهدت السياسة الأمريكية تجاه إفريقيا تغييرات جذرية، شملت تقليص برامج المساعدات الخارجية وخفض الدعم للقوات الحليفة في المنطقة. في الصومال، أدى هذا إلى انسحاب الدعم عن القوات الخاصة الصومالية، مثل لواء “دنب”، وتأجيل خطط نشر مئات الجنود الأمريكيين. كما انسحب معظم المدربين الأجانب بعد تقليص المساعدات الأمنية، مما أثر سلبًا على معنويات القوات المحلية.
عودة “حركة الشباب” وتوسع نفوذها
استغلت “حركة الشباب” هذا الفراغ الأمني لاستعادة السيطرة على مناطق استراتيجية في وسط الصومال، بما في ذلك بلدات كانت تحت سيطرة الحكومة. كما نفذت هجمات على قواعد أمريكية في كينيا وخططت لعمليات ضد أهداف في الولايات المتحدة. هذا التصاعد في نشاط الحركة يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة الصومالية على مواجهة التهديدات ومكافحة حركة الشباب دون دعم دولي فعال.
تركيا تملأ الفراغ وتوسع نفوذها
مع تراجع الدور الأمريكي، بدأت تركيا في تعزيز وجودها في الصومال من خلال تقديم مساعدات عسكرية لمكافحة حركة الشباب، بما في ذلك طائرات مسيرة، وتوقيع اتفاقيات للتنقيب عن النفط، ونشر مئات الجنود في مقديشو. هذا التوسع التركي يغير موازين القوى في المنطقة ويعكس تحولًا في التحالفات الإقليمية.
في ظل انسحاب الدعم الأمريكي وتصاعد نفوذ “حركة الشباب“، يواجه المسار الديمقراطي في الصومال تحديات متزايدة. إذ أن العمليات الانتخابية، التي كانت تحظى سابقًا بتمويل ودعم دولي، باتت مهددة بالتأجيل أو التلاعب، في ظل ضعف الرقابة والتمويل. ويخشى مراقبون من أن تستغل بعض القوى السياسية هذا الفراغ لتعزيز سلطتها، خاصة في غياب موازنات أمنية قادرة على حماية العملية الانتخابية وضمان نزاهتها.
الأثر الإنساني لتقليص المساعدات
لا يقتصر تأثير الانسحاب الأمريكي على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى الأوضاع الإنسانية. فالصومال الذي يعاني من أزمات مجاعة متكررة ونزوح داخلي واسع النطاق، يعتمد على دعم دولي لتلبية الاحتياجات الأساسية لملايين المدنيين. ومع تقليص واشنطن تمويلها للمساعدات الإنسانية، يتوقع أن ترتفع معدلات الفقر والجوع، ما قد يدفع المزيد من السكان إلى أحضان الجماعات المتطرفة التي تقدم “الدعم مقابل الولاء”.
دعوات دولية لتفادي الانهيار الأمني
في المقابل، دعت منظمات دولية وشخصيات بارزة في السياسة الخارجية الأمريكية إدارة ترامب إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه الصومال. وحذرت من أن التخلي عن الشراكة مع مقديشو في هذه المرحلة الحرجة سيؤدي إلى نتائج كارثية ليس فقط على الصومال، بل على أمن المنطقة بالكامل. كما شددت تقارير استراتيجية على أن الحرب ضد الإرهاب لا تزال بحاجة إلى التزام طويل الأمد لا يمكن أن يُعوّض بالانسحاب أو التجاهل.
تحذيرات من تداعيات الانسحاب الأمريكي
يحذر خبراء ومسؤولون سابقون من أن الانسحاب الأمريكي قد يؤدي إلى توسيع نفوذ “حركة الشباب” إلى دول مجاورة مثل كينيا وإثيوبيا، ويمنحها فرصة لتعزيز علاقاتها مع جماعات مسلحة أخرى، مثل الحوثيين في اليمن. كما قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات السياسية داخل الصومال ويقوض جهود مكافحة حركة الشباب في المنطقة.
تعرف المزيد على: بطولة كأس العرب 2025..هل تتمكن الصومال من اللحاق وما مجموعتها؟