في خطوة وصفتها إسرائيل بأنها “إنسانية”، أعلنت السلطات العسكرية يوم الأربعاء 17 سبتمبر/أيلول 2025 أن إسرائيل تفتح طريق إخلاء من غزة لمدة 48 ساعة فقط، ما يتيح للفلسطينيين مغادرة المدينة المنهكة بعد عامين من الحرب المتواصلة. إلا أن هذا القرار، الذي جاء وسط تصعيد عسكري متواصل، أثار جدلًا واسعًا حول ما إذا كان يمثل ممرًا آمنا حقيقيًا أم مجرد وسيلة لفرض تهجير جماعي على المدنيين. وفي الوقت نفسه، تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 65 ألفًا منذ اندلاع الحرب مع حركة حماس، في حصيلة وُصفت بأنها غير مسبوقة في تاريخ الصراع.
فتح الطريق.. إنقاذ إنساني أم خطة عسكرية؟

قال الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل تفتح طريق إخلاء من غزة عبر طريق صلاح الدين، مانحًا السكان فرصة حتى ظهر الجمعة للتحرك جنوبًا. لكن مصادر فلسطينية ومنظمات إنسانية رأت أن الممر ليس سوى محاولة لدفع المدنيين بعيدًا عن المدينة، تمهيدًا لتكثيف الهجوم العسكري. ويشير مراقبون إلى أن تل أبيب تسعى لتقليص عدد المدنيين داخل المدينة لتسهيل السيطرة عليها، وهو ما يثير مخاوف من تغيير ديمغرافي قسري.
حصيلة الضحايا: أرقام مفزعة بلا نهاية

بحسب وزارة الصحة في غزة، لقي 63 شخصًا على الأقل مصرعهم في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي وإطلاق النار، ليرتفع إجمالي عدد القتلى إلى أكثر من 65 ألفًا. ومع أن إسرائيل تفتح طريق إخلاء من غزة بدعوى حماية المدنيين، إلا أن استمرار القصف حتى على مناطق النزوح يطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه الإجراءات. الصور القادمة من الميدان تظهر عائلات تسير على الأقدام أو باستخدام عربات بدائية، في مشهد يعكس مأساة إنسانية مفتوحة.
ردود الفعل الدولية: إدانة وتحذيرات
أثارت التطورات الأخيرة سلسلة من المواقف الدولية. فقد دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الإسباني فيليبي السادس إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية. أما قطر، فوصفت الهجوم على المدينة بأنه “امتداد لحرب إبادة”. وفي المقابل، حذرت إسرائيل الاتحاد الأوروبي من اتخاذ أي خطوات عقابية بعد أن ناقش فرض قيود على العلاقات التجارية. وبينما إسرائيل تفتح طريق إخلاء من غزة، تتسع دائرة الانتقادات العالمية، في إشارة إلى عزلة سياسية متزايدة.
المأساة الإنسانية: نزوح بلا أفق

رغم أن إسرائيل تفتح طريق إخلاء من غزة، فإن الواقع على الأرض يشي بعكس ذلك؛ فالمخيمات في الجنوب تعاني من الاكتظاظ الشديد ونقص الغذاء والماء، ما يجعلها غير صالحة لاستقبال مئات الآلاف من النازحين الجدد. ويؤكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن إصدار أوامر نزوح لا يُعفي أي طرف من التزاماته بحماية المدنيين أثناء القتال. ومع عودة مليون شخص سابقًا إلى منازلهم المدمرة في غزة، يجد السكان أنفسهم الآن أمام مأساة النزوح للمرة الثانية أو الثالثة.
البعد السياسي: بين الحرب والمفاوضات

يرى محللون أن قرار أن إسرائيل تفتح طريق إخلاء من غزة لا ينفصل عن الحسابات السياسية والعسكرية. فالضغط على المدنيين قد يكون ورقة تستخدمها تل أبيب في أي مفاوضات قادمة حول وقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى. ومع ذلك، يحذر خبراء من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية، خاصة إذا استمرت التقارير عن انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني.
تعرف المزيد: حرب غزة والدعاية الإسرائيلية: شركة علاقات عامة أميركية تنسحب من عقد بملايين الدولارات مع تل أبيب
بينما تؤكد تل أبيب أن إسرائيل تفتح طريق إخلاء من غزة لتقليل الخسائر بين المدنيين، تبدو الحقائق على الأرض مختلفة، نزوح قسري، مخيمات مكتظة، وجرح مفتوح بلا أفق لحل قريب. يبقى السؤال: هل تكون هذه الممرات بداية لوقف إطلاق النار، أم مجرد فصل جديد من فصول التهجير والمعاناة؟