لطالما كانت قيمة العملة الوطنية مقياسًا للاستقرار الاقتصادي، ويمثل أي تحرك تجاه تعديل قيمتها مؤشرًا حساسًا على صحة الاقتصاد. وفي سوريا، أثار قرار حذف أصفار الليرة السورية جدلًا واسعًا حول مدى قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية المتفاقمة.
خطوة فنية أم حل جذري؟

توجه المصرف المركزي السوري لحذف الأصفار من العملة الوطنية يندرج ضمن الإجراءات الفنية لتسهيل التعاملات النقدية اليومية. ومع ذلك، يشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذا الإجراء وحده لا يعالج الاختلالات الهيكلية للاقتصاد. فبينما قد يسهل حذف أصفار الليرة السورية عمليات التداول اليومية، إلا أن تأثيره على القوة الشرائية للمواطن أو على التضخم يبقى محدودًا ما لم يصاحبه إصلاحات مالية شاملة.
خطة المصرف المركزي لإعادة هيكلة العملة

نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن حاكم المصرف المركزي، عبد القادر حصرية، أن هناك خطة متقدمة لطرح عملة نقدية جديدة في سوريا. وأكد حصرية أن الهدف من هذه الخطوة هو تطوير البنية النقدية وتحسين جودة الأوراق النقدية، مع ضمان تلبية احتياجات السوق، موضحًا: “سيتم إدخال العملة الجديدة تدريجيًا وفق أحكام قانون مصرف سورية المركزي رقم 23 لعام 2002، دون أي انعكاسات سلبية على قيمة الليرة.
التجارب العالمية ونموذج فرنسا
يشير المصرف المركزي إلى أن هناك تجارب عالمية ناجحة في هذا المجال، مثل تجربة فرنسا في إصدار الفرنك الجديد عام 1958. وتؤكد هذه التجارب أن فعالية حذف أصفار الليرة السورية تعتمد بشكل كبير على استكمال الإصلاحات الاقتصادية والمالية لضمان استقرار العملة واستعادة الثقة فيها.
خطوات تدريجية لتداول العملة الجديدة

وفقًا لتصريحات حصرية، سيتم طرح العملة الجديدة عبر مراحل:
- المرحلة الأولى: التداول التدريجي بجانب الفئات الحالية.
- المرحلة الثانية: البدء بعملية التبديل الفعلي بين العملتين.
- المرحلة الثالثة: التبديل الحصري عبر مصرف سورية المركزي.
هذا الإجراء يهدف إلى الحد من أي اضطرابات محتملة في السوق خلال فترة الانتقال، مع ضمان استمرار القدرة الشرائية للمواطنين، حيث يمثل حذف أصفار الليرة السورية خطوة مهمة ضمن هذه العملية.
تعرف المزيد: البنك المركزي الأوروبي يلمح لاستئناف خفض أسعار الفائدة بعد سبتمبر 2025
التساؤل الأكبر: إعادة الثقة أم تعميق الأزمة؟

رغم أن حذف أصفار الليرة السورية يعد خطوة تقنية مهمة، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح هذه الخطوة في إعادة الثقة بالعملة الوطنية، أم أنها مجرد إجراء شكلي أمام أزمة اقتصادية أعمق؟ تشير التحليلات إلى أن النجاح الحقيقي يعتمد على مزيج من السياسات النقدية الصارمة، والإصلاحات الهيكلية، ودعم الإنتاج المحلي، فضلًا عن استقرار الوضع السياسي والاقتصادي بشكل عام، مما يجعل حذف أصفار الليرة السورية أحد عناصر الحل وليس كل الحل.