في تطور أثار الكثير من الجدل والتساؤلات، أعلنت بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) رسميًا عن انسحاب قواتها من قاعدة عسكرية رئيسية في إقليم شبيلي الوسطى، مُرجعة قرار انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من الصومال إلى أسباب لوجستية واستراتيجية مرتبطة بخطة إعادة الانتشار وتسليم المهام للقوات الصومالية.
خلفيات انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من الصومال..أين تكمن العوامل؟
بحسب بيان صادر عن البعثة، فإن هذا انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من الصومال يأتي ضمن خطة تدريجية تهدف إلى تقليص وجود القوات الإفريقية في البلاد، تمهيدًا لنقل المسؤوليات الأمنية الكاملة إلى القوات الصومالية الوطنية بحلول نهاية 2024. وأكدت ATMIS أن القاعدة التي تم الانسحاب منها تمثل جزءًا من “مرحلة ثانية” من تقليص القوة العسكرية الأجنبية، وذلك بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي.
لكن خلف هذه الخطوة الرسمية، تتكشف تعقيدات ميدانية واضحة؛ فقد شهدت المنطقة مؤخرًا تصاعدًا في هجمات حركة الشباب، ما أثار مخاوف من أن انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من الصومال قد يترك فراغًا أمنيًا تستغله الجماعات المسلحة لإعادة التمركز أو شن هجمات جديدة.
الحكومة الصومالية في موقف حرج
في ظل هذا انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من الصومال، تبدو الحكومة الصومالية أمام تحدٍ كبير. فبينما تسعى جاهدة لبناء جيش قوي قادر على حماية البلاد، لا تزال الإمكانات اللوجستية والتدريبية محدودة، خاصة في المناطق الريفية التي تتعرض لضربات إرهابية متكررة.
وزارة الدفاع الصومالية أكدت أنها كانت على علم مسبق بخطة انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي من الصومال، وأشارت إلى أنها تعمل بالتنسيق مع ATMIS لضمان عدم تأثر الأمن المحلي. لكنّ العديد من المراقبين يرون أن الوضع لا يزال هشًا، وأن انسحاب القوات الإفريقية قد يؤدي إلى تصعيد غير متوقع من جانب الجماعات الإرهابية.
مخاوف شعبية وتحذيرات دولية
في الأوساط الشعبية، سادت حالة من القلق عقب إعلان الانسحاب. سكان القرى المحيطة بالقاعدة المنسحب منها عبّروا عن مخاوفهم من عودة نشاط المجموعات المسلحة، لا سيما في ظل تقارير عن تحركات مشبوهة لعناصر من حركة الشباب في محيط المنطقة.
من جانبها، أعربت بعض منظمات الإغاثة الدولية عن خشيتها من أن يؤدي التراجع الأمني المحتمل إلى صعوبة الوصول للمناطق المتضررة أو تقديم المساعدات الإنسانية، وهو ما يضاعف من التحديات الإنسانية في إقليم شبيلي الوسطى.
المرحلة القادمة..اختبار للجيش الصومالي
الواقع الجديد يفرض على الجيش الصومالي تحديًا مصيريًا، فبعد سنوات من الاعتماد الجزئي على الدعم العسكري الإفريقي، أصبحت مسؤولية تأمين هذه المناطق بالكامل تقع على عاتقه.
الجيش الصومالي بدأ بالفعل في نشر وحدات إضافية لتعويض الانسحاب، لكن المراقبين يشككون في مدى جهوزية هذه القوات لخوض معركة طويلة الأمد ضد مجموعات منظمة ومسلحة جيدًا. ما يزيد الوضع تعقيدًا هو غياب التنسيق الفعال أحيانًا بين المستويات العسكرية والمدنية.
انسحاب القوات الإفريقية من الصومال..بداية مرحلة جديدة؟
يُنظر إلى هذا الانسحاب على أنه نقطة تحول فارقة في مسار الأمن القومي الصومالي. فبينما يعتبر البعض أن الاعتماد على الذات هو الطريق نحو السيادة الكاملة، يحذر آخرون من مغبة الانسحاب غير المنسق في ظل هشاشة المنظومة الأمنية.
في ضوء هذه التطورات، تزداد الحاجة إلى خطة وطنية متكاملة تُراعي التحديات الميدانية وتضمن عدم السماح بعودة الفوضى إلى المناطق المحررة. كما أن دعم المجتمع الدولي يجب ألا يتوقف عند حد الشراكة العسكرية، بل يمتد إلى الدعم اللوجستي، والتدريب، وبناء القدرات المحلية.
تعرف المزيد على: توافق نادر في مقديشو: الدكتور مونغاب يحظى بتأييد شعبي ورسمي واسع بعد تعيينه عمدة للعاصمة