في تحول لافت، أعلنت مصادر إسرائيلية انسحاب الجيش من منطقة البحث عن جثث المحتجزين داخل غزة، بعد ضغوط متزايدة من وسطاء دوليين ومخاوف من مواجهة مباشرة مع حركة “حماس”. وأكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن انسحاب إسرائيل من غزة جاء بعد قلق إسرائيلي من أن استمرار العمليات قد يشعل جولة جديدة من التصعيد.
فشل في تحقيق الهدف المعلن

جاء انسحاب إسرائيل من غزة بعد مرور خمسة أيام متواصلة دون العثور على جثامين الرهائن الإسرائيليين، ما اعتبره مراقبون إخفاقًا استخباراتيًا جديدًا رغم العمليات المكثفة. هذا التراجع الميداني يُظهر أن الجيش الإسرائيلي لا يزال يواجه صعوبات كبيرة في تحديد مواقع الرهائن بين الأنقاض داخل القطاع، خاصة بعد تدمير مناطق واسعة خلال الحرب الأخيرة.
هدنة أميركية بوجه جديد

تزامن انسحاب إسرائيل من غزة مع تنفيذ هدنة بوساطة أميركية تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار ونشر قوة أمنية دولية تضم عناصر من دول عربية وإسلامية لتأمين القطاع. وبينما رحبت واشنطن بخطوة الانسحاب، شدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على أن بلاده “وحدها” من تحدد متى تضرب وأي دولة يمكنها المشاركة في القوة الأمنية.
تركيا خارج الحسابات الإسرائيلية
في الوقت الذي يزداد فيه الحديث عن ترتيبات ما بعد الحرب، أكدت مصادر سياسية أن إسرائيل ترفض بشدة أي دور تركي في غزة، معتبرة أن أنقرة خصم إقليمي لا يمكن الوثوق به. ويأتي ذلك في سياق تنافس إقليمي متصاعد حول من يدير المرحلة المقبلة بعد انسحاب إسرائيل من غزة جزئيًا.
بقاء السيطرة رغم الانسحاب
ورغم انسحاب إسرائيل من غزة المعلن، فإن تل أبيب ما زالت تسيطر فعليًا على أكثر من نصف مساحة القطاع وتتحكم في إدخال المساعدات الأممية عبر المعابر. وتشير تقارير إلى أن الجيش الإسرائيلي احتفظ بخط دفاعي يُعرف بـ”الخط الأصفر”، يفصل بين مناطق نفوذه وباقي أراضي غزة.
قصف متواصل ورسائل ردع

لم يمنع انسحاب إسرائيل من غزة استمرار الغارات الجوية، إذ نفذ الجيش الإسرائيلي ضربتين جديدتين منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ، إحداهما استهدفت أحد عناصر حركة الجهاد. وأكد نتنياهو أن الجيش ألقى في إحدى عملياته نحو 150 طنًا من القنابل والصواريخ ردًا على مقتل جنديين إسرائيليين.
وساطة أميركية لتعزيز التهدئة
الولايات المتحدة وحلفاؤها أعلنوا مؤخرًا إنشاء مركز للتنسيق المدني والعسكري لدعم استقرار غزة ومراقبة تطبيق الهدنة بعد انسحاب إسرائيل من غزة. كما أوفدت إدارة الرئيس دونالد ترامب عددًا من كبار مسؤوليها للقاء الأطراف المعنية، وسط تأكيدات على أن واشنطن تمارس ضغوطًا لضمان التزام إسرائيل بعدم خرق وقف النار.
إدارة مدنية جديدة في الأفق
بالتوازي مع انسحاب إسرائيل من غزة، اتفقت الفصائل الفلسطينية على تشكيل لجنة مؤقتة من التكنوقراط لإدارة شؤون القطاع وتسيير الخدمات. وتهدف هذه الخطوة إلى ملء الفراغ الإداري وتهيئة الأرضية لمرحلة إعادة الإعمار بعد الدمار الهائل الذي خلفته الحرب.
حماس: التزام وتسليم الجثامين
أكدت حركة حماس أنها ملتزمة بتسليم جثامين 13 رهينة لا تزال داخل غزة، بينهم 10 إسرائيليين، إضافة إلى عاملين من تايلاند وتنزانيا. وأوضحت أن العثور على باقي الجثث يواجه تحديات كبيرة بسبب الدمار الواسع الناتج عن العمليات التي سبقت انسحاب إسرائيل من غزة.
تعرف المزيد: الدور الأميركي في غزة.. بين تثبيت الهدوء وتشكيل مستقبل المنطقة
مشهد غامض ومستقبل مفتوح
بين ضغوط الوسطاء، وتصلب الموقف الإسرائيلي، ومحاولات واشنطن تهدئة الأجواء، يبدو أن انسحاب إسرائيل من غزة لا يمثل نهاية الحرب بل بداية فصل جديد من الصراع السياسي والدبلوماسي. ومع استمرار التوتر، تبقى غزة مسرحًا مفتوحًا لتجاذبات إقليمية ودولية يصعب التنبؤ بمآلاتها.
