شنت إسرائيل منذ الاثنين الماضي، سلسلة غارات استهدفت مواقع داخل الأراضي السورية وهو ما عرف بـ” الهجوم الإسرائيلي على سوريا”، مبررة تحركها العسكري بأنه دفاع عن الأقلية الدرزية التي تواجه اشتباكات عنيفة في محافظة السويداء جنوب البلاد.
وأكدت تل أبيب، التي مازالت في حالة عداء رسمي مع دمشق، أنها لن تتهاون مع أي وجود عسكري لسوريا قرب حدودها الشمالية، في أعقاب انتشار وحدات من الجيش السوري داخل مدينة السويداء، الثلاثاء الماضي.
وفي تصعيد واضح، حذر المسؤولون الإسرائيليون من أن سلسلة الهجوم الإسرائيلي على سوريا ستزداد ما لم تنسحب القوات الحكومية من المنطقة الجنوبية، في إشارة إلى نية إسرائيل فرض معادلة جديدة على الأرض.
الهجوم الإسرائيلي على سوريا
غارات تستهدف قلب دمشق: القصر الرئاسي وهيئة الأركان تحت النار
في تطور مفاجئ وخطير، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، عن استهداف “هدف عسكري” يقع بالقرب من القصر الرئاسي وسط العاصمة السورية دمشق. وبحسب ما أفاد شهود عيان، فقد سُمع انفجار عنيف في المنطقة إثر الهجوم الإسرائيلي على سوريا، أعقبه تصاعد كثيف للدخان من محيط القصر.
كما طال الهجوم الإسرائيلي على سوريا، مقر هيئة الأركان وسط العاصمة، مما أدى إلى تدمير أحد أجنحة المبنى المؤلف من أربعة طوابق. وأسفرت الهجمات عن مقتل شخص وإصابة 18 آخرين، بحسب وزارة الصحة السورية.
السويداء في مرمى النيران: تصاعد التوتر في الجنوب السوري
لم تقتصر الضربات على العاصمة، إذ استهدفت إسرائيل أيضًا مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية بعدة غارات بطائرات مسيّرة، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وأكد الجيش الإسرائيلي في بيانٍ له الثلاثاء، أنه قصف “آليات عسكرية تابعة للنظام السوري في السويداء”، في حين أعلن الاثنين، عن تدمير دبابات للقوات الحكومية في أطراف المحافظة.
تُعد السويداء واحدة من أكثر المناطق حساسية من الناحية الديموغرافية، حيث تضم أكبر تجمع للطائفة الدرزية في سوريا، وهي أقلية دينية لها امتداد سكاني في لبنان وإسرائيل أيضًا.
رسائل سياسية وعسكرية: إسرائيل تتوعد بـ”ضربات موجعة”
في تصريحات لافتة، طالب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الحكومة السورية بـ”الانسحاب من السويداء” و”ترك الدروز وشأنهم”، مؤكدًا أن إسرائيل “لن تتخلى عن الدروز في سوريا”. وأضاف أن تل أبيب ماضية في تنفيذ سياسة “نزع السلاح” في جنوب البلاد، مشيرًا إلى أن بلاده لن تتردد في توجيه “ضربات موجعة” ضد النظام السوري.
وبحسب مسؤول عسكري إسرائيلي، فإن الغارات تهدف أيضًا إلى منع ما وصفه بـ”الوجود العسكري المعادي” قرب الحدود الإسرائيلية في الجنوب السوري.
رد فعل سوري: إدانة وتصعيد دبلوماسي
من جانبها، أدانت الحكومة السورية بشدة الهجوم الإسرائيلي على سوريا، ووصفتها بأنها “اعتداء سافر” على السيادة الوطنية، مؤكدة تمسكها بحقها المشروع في الدفاع عن أراضيها. في الأثناء، شهدت الأوساط السياسية في دمشق حراكًا مكثفًا لعقد اجتماعات طارئة، والسعي لحشد دعم عربي ودولي لمواجهة هذا التصعيد الخطير.
لماذا تضرب إسرائيل السويداء؟ 5 دوافع وراء التصعيد
ورغم أن الهجوم الإسرائيلي على سوريا لم يعد أمرًا مفاجئًا، إلا أن توجيه الضربات نحو محافظة السويداء تحديدًا يثير العديد من التساؤلات، ويكشف عن أبعاد خفية تتجاوز الرد العسكري المباشر، لتشير إلى مخططات وراء الستار وأهداف استراتيجية أعمق. وفيما يلي أبرز الدوافع المحتملة وراء هذا التصعيد.
أحمد الشرع يرد على إسرائيل: سوريا ليست للبيع.. والدروز ليسوا ورقة ضغط
في كلمة حاسمة، وجّه الرئيس السوري أحمد الشرع، رسالة واضحة إلى الداخل والخارج، مؤكدًا أن أبناء الطائفة الدرزية هم “جزء أصيل من نسيج الوطن”، وأن سوريا لن تكون ساحة للتقسيم أو لعبة في يد أي جهة خارجية.
وأكد الشرع في تصريحه أن حماية حقوق أبناء الطائفة الدرزية وضمان حرياتهم تمثل أولوية بالنسبة له، مشددًا على أنه لن يسمح لأي جهة – مهما كانت – بإشعال نار الفتنة بين السوريين أو جرّهم إلى صراعات ومحاور خارجية.
عن أحداث السويداء: الدولة تدخلت بحسم.. وإسرائيل تعرقل
وتطرّق الشرع إلى الأحداث الأخيرة في السويداء، موضحًا أن ما حدث كان صراعًا داخليًا بين مجموعات مسلّحة من السويداء ومن مناطق مجاورة، اندلعت نتيجة خلافات قديمة بينهم. وأشار إلى أن الدولة تدخلت بحزم للسيطرة علي الموقف وإعادة الاستقرار، لكن بعض “العصابات الخارجة عن القانون” انتهزت الفرصة لإشعال نار الفتنة ورفضت كل طرق الحوار.
وأوضح أن الجهود السورية نجحت في تفكيك المجموعات المسلحة وفرض الأمن، لكن الهجوم الإسرائيلي على سوريا الأخير، بقصفه للمنشآت المدنية والعسكرية كان محاولة واضحة لتقليص هذا الاستقرار ودفع الأمور إلى حافة الانفجار.
وساطات دولية
وكشف الرئيس الشرع أن تدخلًا دوليًا من جهات أميركية وعربية وتركية هو ما منع انزلاق المنطقة نحو حرب واسعة، كانت ستتحمل نتائجها الطائفة الدرزية وسكان الجنوب السوري بالكامل.
تعرف المزيد على: لماذا لا نثق بالتكنولوجيا في المباريات الرياضية؟
واختتم الشرع كلمته بالتأكيد على أن الدولة اختارت طريق الحكمة، مشيرًا إلى أن الخيار كان بين حرب مفتوحة مع إسرائيل أو منح وجهاء الطائفة الدرزية فرصة لتغليب المصلحة الوطنية على خطاب الفوضى والانقسام.