تشهد الساحة السياسية في الصومال حالة من الترقب بشأن مخرجات الاجتماع المرتقب للمجلس الاستشاري الوطني، في ظل تصاعد أزمة الانتخابات في الصومال وتنامي التحديات الأمنية التي تفرضها حركة الشباب الإرهابية. ويعد هذا الاجتماع محطة مفصلية على طريق إصلاح النظام السياسي وتوحيد الرؤى بشأن الاستحقاقات المقبلة في البلاد.
أزمة الانتخابات في الصومال تفجّرت مجددًا بسبب الخلافات الحادة بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات الإقليمية، وعلى رأسها غوبالاند وبونتلاند، وذلك في ظل سعي الحكومة إلى تنفيذ إصلاحات دستورية واعتماد نظام اقتراع مباشر لأول مرة منذ أكثر من خمسة عقود.
أسباب تأجيل اجتماع أزمة الانتخابات في الصومال للمرة الثانية
وتأجل اجتماع أزمة الانتخابات في الصومال للمرة الثانية إلى يوم الثلاثاء، بعد أن كان مقرراً عقده يوم الاثنين، نتيجة عدم وصول بعض ممثلي الولايات. ويرى مراقبون أن نجاح الاجتماع يرتبط بتوافر إرادة سياسية حقيقية لتقديم التنازلات وتقديم المصلحة الوطنية على الاعتبارات الحزبية أو الإقليمية.
المجلس الاستشاري الوطني، الذي يضم الرئيس ورئيس الوزراء وقادة الولايات الخمس، يُعد الجهة السياسية الأهم في إدارة الأزمات في الصومال، وخاصة في لحظات حساسة مثل أزمة الانتخابات في الصومال والحرب على الإرهاب، ما يجعله مركز ثقل سياسي وتحكيمي في المشهد الصومالي.
ويأتي اجتماع أزمة الانتخابات في الصومال في وقت تواجه فيه الحكومة تحديات أمنية متصاعدة، أبرزها تمدد حركة الشباب في مناطق استراتيجية مثل شبيلي، مما يعقّد من فرص الاستقرار السياسي وإجراء انتخابات نزيهة وآمنة في البلاد.
وأكدت مصادر صومالية أن قادة المجلس سيبحثون سبل التوافق على آلية لإجراء انتخابات 2026، في ظل غياب متوقع لرئيسي ولايتي بونتلاند وغوبالاند، وهو ما يهدد بإضعاف مخرجات اجتماع أزمة الانتخابات في الصومال وتقليص فرص التوصل إلى اتفاق شامل بشأن القضايا الخلافية.
وترى بعض التحليلات أن الانقسامات الحاصلة لا تنفصل عن التاريخ الطويل من الانقلابات والحروب التي أدت إلى غياب الانتخابات المباشرة منذ عام 1968، وهو ما يجعل أزمة الانتخابات في الصومال متجذّرة وتحتاج إلى معالجة جذرية تشمل إصلاح النظام الفيدرالي بالكامل.
وتتجه أنظار المجتمع الدولي إلى مقديشو، حيث تضغط الأمم المتحدة ودول عدة على كافة الأطراف للمشاركة في الاجتماع وتجاوز الخلافات، في محاولة للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها السياسي، والحد من تصاعد الأصوات الانفصالية في بعض الولايات.
ورغم الحراك السياسي، يشكك مراقبون في قدرة المجلس على إنهاء الأزمة بالكامل، معتبرين أن غياب قادة الولايات الرئيسية يُضعف من شرعية أي قرارات قد تصدر، ما يجعل من الأرجح أن يُنتج الاجتماع تفاهمات جزئية أو جدولًا زمنيًا جديدًا للحوار الوطني فقط.
مشاركة المجتمع الدولي في اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي
يحظى اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي باهتمام كبير من المجتمع الدولي، خصوصاً من بعثة الأمم المتحدة في الصومال، التي تسعى لدعم جهود الحوار والتوافق السياسي بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية. وتؤكد التحركات الأممية على أهمية الوصول إلى صيغة موحدة تنهي الأزمة السياسية وتدعم خارطة طريق الانتخابات المقبلة.
يشكل تصاعد هجمات حركة الشباب الإرهابية عاملاً ضاغطاً في اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي، حيث تمثل هذه التهديدات الأمنية تحدياً كبيراً أمام الدولة، وتدفع القادة إلى التنسيق بشكل أكثر فاعلية بشأن الاستراتيجية الأمنية وخطة القضاء على الجماعة المتطرفة، خصوصاً في إقليمي شبيلي وهيران.
يُنظر إلى غياب رئيسي ولايتي غوبالاند وبونتلاند عن اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي على أنه مؤشر سلبي، يعكس استمرار الخلافات العميقة بين المركز وبعض الأقاليم. هذا الغياب قد يؤدي إلى تأجيل إصدار قرارات حاسمة ويحد من فاعلية الحوار السياسي الجاري.
أصبح مطلب إجراء انتخابات مباشرة في الصومال محط أنظار الشارع السياسي والمجتمعي، ويُتوقع أن يناقش اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي آليات تنفيذ هذا المطلب، خصوصاً أنه يمثل تحولاً تاريخياً نحو نظام ديمقراطي شامل بعد عقود من الانتخابات غير المباشرة القائمة على المحاصصة القبلية.
تشير التحليلات السياسية إلى أن استمرار الانقسامات بين الحكومة والولايات يهدد وحدة الدولة الصومالية، وهو ما يجعل من اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي منصة محورية لمحاولة احتواء هذه الانقسامات ومنع تصاعد أي خطابات انفصالية من بعض الأقاليم، لا سيما في ظل الضغوط الدولية للحفاظ على الكيان الفيدرالي.
يلعب رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري دوراً محورياً في إدارة ملف الحوار السياسي، ويُنتظر أن يطرح خلال اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي مبادرات لبناء الثقة بين الأطراف، عبر تقديم ضمانات والتزامات سياسية لتنفيذ مخرجات الاجتماع المرتقب بما يضمن مشاركة الجميع.
تُعد الإصلاحات الدستورية من أكثر القضايا إثارة للخلاف داخل اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي، حيث تختلف وجهات النظر بين الحكومة والولايات حول توزيع الصلاحيات، وشكل النظام الانتخابي، وصلاحيات الرئيس والبرلمان، وهو ما يتطلب حواراً شفافاً للوصول إلى تسوية تُرضي جميع الأطراف.
التجارب السابقة للمجلس ودروسها
شهدت اجتماعات سابقة لـ المجلس الاستشاري الصومالي العديد من الخلافات والانسحابات، وكان أبرزها في أكتوبر 2024، حين انسحب رئيس غوبالاند من الاجتماع، مما أدى إلى تعثر التوصل إلى نتائج ملزمة. وتكشف هذه التجارب ضرورة إيجاد آليات لضمان تنفيذ مخرجات الاجتماعات وعدم الاكتفاء بالبيانات الختامية.
يدعو عدد من المراقبين إلى إشراك منظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب في مداولات اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي، لضمان تمثيل أكبر شريحة ممكنة من المجتمع الصومالي، وتعزيز مصداقية العملية السياسية وجعلها أكثر شمولية واستجابة لتطلعات المواطنين.
سيناريوهات محتملة بعد الاجتماع
تشير أغلب التوقعات إلى أن اجتماع المجلس الاستشاري الصومالي سيُفضي إلى صيغة توافقية مؤقتة أو تحديد جدول زمني جديد لجولة حوار أخرى، في ظل غياب بعض القادة واستمرار التباين السياسي، مع احتمالية تأجيل ثالث إذا تعذر التوافق، ما يُبقي حالة الترقب والجمود قائمة.
وفي ضوء كل ذلك، تبقى أزمة الانتخابات في الصومال ملفًا مفتوحًا على كافة الاحتمالات، ما بين بوادر التوافق وضغوط داخلية وخارجية، وسيناريوهات متضاربة حول مستقبل النظام السياسي، ووحدة البلاد، وإمكانية الوصول إلى انتخابات ديمقراطية جامعة.
تعرف المزيد على: التعاون البرلماني بين الجزائر والصومال يتعزز بدعم مشترك للاستقرار ومكافحة الإرهاب