في خضم الأحداث السياسية والاقتصادية الكبرى التي شهدتها القمة العربية الأخيرة في بغداد، خرجت إلى العلن مفاجأة غير متوقعة،مصفاة نفط عراقية في الصومال كانت مخبأة في أرشيف النسيان لعقود. دولة عربية تكتشف فجأة أنها تمتلك منشأة استراتيجية في بلد إفريقي بعيد. فهل تعيد هذه القمة رسم خريطة الاستثمارات العراقية القديمة المنسية؟
مصفاة نفط عراقية في الصومال: أصول منسية تعود للسطح
خلال لقاء جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على هامش القمة العربية الرابعة والثلاثين، فجّر الرئيس الصومالي مفاجأة غير متوقعة، حيث أبلغ نظيره العراقي بوجود مصفاة نفط عراقية كبرى على الأراضي الصومالية، تعود ملكيتها إلى الدولة العراقية، وطالب بصيانتها وإعادة تشغيلها.
هذه المصفاة، التي تم بناؤها في سبعينيات القرن الماضي ضمن مشروع تنموي عراقي خارجي، تُعد واحدة من أكبر استثمارات بغداد في القارة الإفريقية، لكنها ظلت منسية تمامًا بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وما تبعه من انهيار مؤسسات الدولة وضياع الوثائق الرسمية الخاصة بالأصول الخارجية.
العراق يكتشف استثماراته المنسية من جديد
ليست هذه الحادثة الأولى التي تكتشف فيها الحكومة العراقية أصولًا خارجية لم تكن على علم بها. ففي وقت سابق، تم الكشف عن مزارع شاي عراقية في فيتنام كانت تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول، وظلت أيضًا خارج حسابات الدولة لعقود، حتى كشفت عنها الحكومة الفيتنامية.
وبحسب تصريح المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، فإن الرئيس الصومالي دعا خلال اللقاء إلى التعاون في مجال الطاقة، مشيرًا إلى أن مصفاة نفط عراقية في الصومال موجودة في بلاده متوقفة وتحتاج إلى إعادة تأهيل. وقد أبدى السوداني دهشته من هذه المعلومات، مؤكدًا ضرورة متابعة هذا الملف الاستثماري الاستراتيجي.
أهمية إعادة تشغيل مصفاة النفط العراقية في الصومال
إعادة تأهيل هذه المصفاة قد تمثل فرصة كبيرة لكل من العراق والصومال. فمن جهة، يمكن للعراق أن يستعيد دوره الاستثماري الإقليمي ويعزز نفوذه الاقتصادي في منطقة القرن الإفريقي، ومن جهة أخرى، يمكن للصومال أن يستفيد من البنية التحتية النفطية لتغطية جزء من احتياجاته الطاقوية وتحفيز التنمية المحلية.
وتشير التقارير إلى أن هذه المصفاة كانت تعمل بطاقة كبيرة قبل توقفها بسبب عدم الصيانة وغياب الدعم الفني، وهي اليوم بحاجة إلى تأهيل شامل يعيدها للعمل وسط تنامي الطلب المحلي والإقليمي على الوقود المكرر.
مصفاة نفط عراقية في الصومال… بداية لاستراتيجية استعادة الأصول الخارجية؟
يثير اكتشاف المصفاة العراقية في الصومال أسئلة جوهرية حول مصير مئات الأصول والاستثمارات العراقية التي أُنشئت خارج البلاد خلال فترة السبعينيات والثمانينيات. فقد ضاعت أغلب هذه المشاريع بين النسيان والتقلبات السياسية، لكن هذا الاكتشاف قد يكون دافعًا قويًا لوضع خطة وطنية لإعادة حصر وتفعيل الأصول الخارجية المملوكة للعراق.
ومن المتوقع أن تقوم بغداد بتشكيل لجنة فنية مختصة لمتابعة ملف مصفاة النفط في الصومال، وفتح ملفات مماثلة في بلدان أخرى، بهدف استعادة الحقوق الاقتصادية للعراق في الخارج.
أعاد اللقاء العراقي الصومالي الأخير في قمة بغداد تسليط الضوء على قضية “الاستثمارات المنسية”، وفي مقدمتها “مصفاة نفط عراقية في الصومال”. هذه الحادثة ليست فقط مفاجأة دبلوماسية، بل أيضًا تذكير قوي بأن على الدول أن توثق وتحافظ على تاريخها الاقتصادي، لأن الاستثمار الجيد لا يموت، وإنما ينتظر من يكتشفه من جديد.
تعرف المزيد على: إدانات عربية ودولية واسعة للهجوم الإرهابي في مقديشو