في مشهد جديد يعكس تحولات السياسة الدفاعية في شرق أفريقيا، تشهد العلاقات العسكرية الصومالية توسعًا واضحًا نحو بناء شراكات استراتيجية مع دول الجوار، وفي مقدمتها رواندا وأوغندا.
هذه الخطوات تأتي ضمن مسعى أوسع لإعادة بناء الجيش الوطني الصومالي وتعزيز الدبلوماسية الدفاعية كأداة لتحقيق الاستقرار، ومواجهة التهديدات العابرة للحدود التي لا تزال تشكل تحديًا حقيقيًا لمنطقة القرن الأفريقي.
تطور العلاقات العسكرية الصومالية مع رواندا

خلال زيارة رسمية اليوم الأربعاء 8أكتوبر، إلى كيغالي، أجرى الجنرال أودوا يوسف راجي، قائد الجيش الوطني الصومالي، محادثات رفيعة المستوى مع نظيره الرواندي، ووزير الدفاع جوفينال ماريزاموندا، ركزت على تعزيز برامج التدريب المشترك وتبادل الخبرات في مجالات القيادة والانضباط العسكري.
تعكس هذه المحادثات عمق العلاقات العسكرية الصومالية مع رواندا، التي باتت واحدة من أكثر الجيوش احترافية في أفريقيا، وتقدم نموذجًا ناجحًا في بناء القدرات الدفاعية والانضباط المؤسسي.
ويشير مراقبون إلى أن مقديشو تسعى من خلال هذا التعاون إلى اكتساب خبرات عملية في التنظيم العسكري والتخطيط الدفاعي، بما يعزز قدراتها الذاتية ويقلل من اعتمادها على الدعم الدولي مستقبلًا.
بناء جيش وطني بمعايير أفريقية

يُعد التعاون الدفاعي مع رواندا وأوغندا خطوة مهمة في إطار مشروع تحديث الجيش الوطني الصومالي، القائم على دمج الخبرة الأفريقية في التدريب والانضباط.
فبينما تطمح الصومال إلى إعادة بناء مؤسساتها الأمنية من الداخل، تسعى في الوقت ذاته إلى تطوير علاقاتها الدفاعية الإقليمية كرافعة لبناء جيش وطني قوي ومنضبط.
وتبرز هنا العلاقات العسكرية الصومالية كعنصر محوري في هذه الإستراتيجية، إذ تسهم برامج التدريب الثنائية وتبادل الخبرات في صياغة جيش قادر على تأمين البلاد ومواجهة الجماعات الإرهابية بفاعلية أكبر.
الدبلوماسية الدفاعية الصومالية: تحالفات ذكية واستراتيجية

لم تعد العلاقات العسكرية الصومالية تقتصر على الجوانب الميدانية أو الأمنية فحسب، بل تحوّلت إلى أداة دبلوماسية فعالة تعكس سياسة “القوة عبر الشراكة”.
من خلال تعزيز التعاون مع رواندا وأوغندا، تمارس مقديشو شكلًا جديدًا من الدبلوماسية الدفاعية الهادفة إلى بناء تحالفات طويلة الأمد تُرسخ حضورها في شرق أفريقيا وتمنحها ثقلاً سياسيًا متزايدًا.
ويشير محللون إلى أن هذه المقاربة تمنح الصومال هامش حركة أوسع في التعامل مع شركائها الإقليميين، وتساعدها على التفاوض من موقع أكثر قوة في القضايا الأمنية المشتركة.
تحالفات ضد الإرهاب العابر للحدود
تأتي هذه التحركات في وقت تواجه فيه دول شرق أفريقيا تحديات أمنية متشابكة، أبرزها الإرهاب العابر للحدود.
وتلعب العلاقات العسكرية الصومالية مع رواندا وأوغندا دورًا محوريًا في بناء جبهة إقليمية موحدة لمكافحة الجماعات المتطرفة التي تهدد الأمن الإقليمي.
وقد شدد الوزراء المعنيون في كمبالا وكيغالي على ضرورة تنسيق استراتيجيات الأمن بين الدول الثلاث، وتبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل دائم، وهو ما يمثل نقلة نوعية نحو بناء منظومة أمن جماعي في القرن الأفريقي.
الصومال وأوغندا: شراكة أمنية ممتدة

في العاصمة الأوغندية كمبالا، التقى وزير الأمن الداخلي الصومالي الجنرال عبد الله شيخ إسماعيل (فرتاج) نظيره الأوغندي جيم كاتوغو موهويزي، حيث ناقشا آفاق التعاون في مكافحة الإرهاب والتدريب المشترك لقوات الأمن.
وأكد الجانبان أهمية استمرار دعم بعثة الاتحاد الأفريقي (AUSSOM) ومواصلة التنسيق لضمان انسحاب تدريجي متوازن لا يترك فراغًا أمنيًا.
وتأتي هذه المباحثات امتدادًا لتاريخ طويل من العلاقات العسكرية الصومالية مع أوغندا التي تعد من أوائل الدول المشاركة في حفظ السلام بالصومال منذ عام 2007.
نحو أمن إقليمي متكامل

إن الاتجاه الصومالي لتعميق التعاون الدفاعي مع رواندا وأوغندا يعكس تحولًا نوعيًا في سياسة مقديشو الأمنية.
فمن خلال توسيع العلاقات العسكرية الصومالية، تسعى البلاد إلى بناء أمن قائم على الشراكة، لا على العزلة، وإلى تحويل التعاون الثنائي إلى رافعة لأمن جماعي يضمن استقرار القرن الأفريقي على المدى الطويل.
تؤكد التطورات الأخيرة أن العلاقات العسكرية الصومالية تدخل مرحلة نضج غير مسبوقة، حيث تتداخل فيها المصالح الأمنية والدبلوماسية والتنموية في آنٍ واحد.
ومع استمرار هذه الشراكات الدفاعية، تقترب الصومال من تحقيق هدفها الأكبر: بناء جيش وطني محترف، واستعادة مكانتها كفاعل إقليمي قادر على الإسهام في أمن واستقرار شرق أفريقيا.
لمعرفة المزيد: 5 أسئلة مفتوحة تحكم مصير مفاوضات شرم الشيخ لوقف إطلاق النار في غزة
تؤكد التطورات الأخيرة أن العلاقات العسكرية الصومالية تدخل مرحلة نضج غير مسبوقة، حيث تتداخل فيها المصالح الأمنية والدبلوماسية والتنموية في آنٍ واحد.
ومع استمرار هذه الشراكات الدفاعية، تقترب الصومال من تحقيق هدفها الأكبر: بناء جيش وطني محترف، واستعادة مكانتها كفاعل إقليمي قادر على الإسهام في أمن واستقرار شرق أفريقيا.