في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة الصراع ضد الإرهاب في القرن الأفريقي، عادت الضربة الجوية الأمريكية في الصومال لتتصدر المشهد الأمني من جديد. وبينما يشتد الخناق على حركة الشباب الإرهابية، تتكشف أبعاد جديدة من الصراع على الأرض، والمصالح الإقليمية والدولية التي تقف وراءه. فهل تحمل هذه العملية مؤشرات على مرحلة أكثر تصعيدًا في المواجهة ضد التطرف؟ أم أنها مجرد حلقة في سلسلة طويلة من الاشتباكات المستمرة؟
نفذت القوات الأمريكية، بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، ضربة جوية استهدفت عناصر من حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، في منطقة تقع على بعد نحو 64 كيلومترًا شمال غرب مدينة كيسمايو، جنوب الصومال.
وذكرت القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان صحفي أن هذه العملية تأتي ضمن الجهود المستمرة لتقويض قدرة حركة الشباب على التخطيط وتنفيذ هجمات تهدد الولايات المتحدة وقواتها ومواطنيها في الخارج.
وأضاف البيان أن “حركة الشباب أثبتت إرادتها وقدرتها على مهاجمة القوات الأمريكية”، مشيرًا إلى أن أفريكوم، بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية الصومالية والقوات المسلحة الصومالية، تواصل اتخاذ إجراءات لتقليل قدرة الحركة على تنفيذ هجمات إرهابية.
ولم يتم الكشف عن تفاصيل إضافية حول الوحدات أو الأصول المستخدمة في العملية، حفاظًا على أمن العمليات العسكرية.
تجدر الإشارة إلى أن الصومال تعاني منذ عقود من هجمات وعمليات تمرد من قبل جماعات إرهابية إسلامية، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وحركة الشباب.
التعاون الصومالي الأمريكي يتعزز ضد الإرهاب
تأتي الضربة الجوية الأمريكية في الصومال في إطار تنسيق متزايد بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وواشنطن. فالمعركة ضد حركة الشباب لم تعد محلية، بل أصبحت قضية أمن إقليمي ودولي تتطلب تدخلًا استباقيًا وتعاونًا استخباراتيًا متطورًا. وقد عززت الولايات المتحدة وجودها عبر دعم استخباراتي وتدريبات ومراقبة جوية متواصلة، ما أسهم في تحسين قدرة الجيش الصومالي على شن عمليات نوعية ضد العناصر المسلحة.
ردود فعل محلية ودولية متباينة حول الضربة الجوية الأمريكية في الصومال:
فيما أشادت الحكومة الصومالية بالعملية ووصفتها بـ”الضربة الدقيقة”، أثارت الضربة الجوية الأمريكية في الصومال ردود فعل متباينة داخل الأوساط السياسية والشعبية. بعض الأصوات عبّرت عن تخوفها من أن تساهم هذه الضربات في تصاعد العنف أو سقوط ضحايا مدنيين، رغم تأكيد أفريكوم التزامها الكامل بقواعد الاشتباك وضمان حماية المدنيين. ومع ذلك، تظل الضربة الجوية الأمريكية في الصومال محل متابعة دقيقة من قِبل منظمات حقوق الإنسان.
من جهة أخرى، تحمل الضربة الجوية الأمريكية في الصومال الأخيرة دلالات سياسية لا يمكن تجاهلها. إذ تتزامن مع رسائل دبلوماسية صومالية إلى الإدارة الأمريكية الجديدة، تطلب فيها دعمًا عسكريًا ووجودًا دائمًا على الأرض. وفي ظل التنافس الإقليمي على النفوذ في منطقة القرن الأفريقي، تُعدّ مثل هذه العمليات رسالة واضحة إلى كل من يسعى لزعزعة الأمن الصومالي أو استغلال هشاشة الوضع الحالي لصالح أجنداته.
هل تغير الضربات الجوية ميزان القوة؟
رغم النجاحات التكتيكية التي تحققها الضربات الجوية الأمريكية في الصومال، إلا أن كثيرًا من الخبراء يشيرون إلى أن المعركة ضد الإرهاب لا يمكن كسبها فقط من الجو. فالتحديات تمتد إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تستغلها الجماعات المتطرفة في تجنيد الأتباع وبسط النفوذ. لذا، فإن الضربات الجوية يجب أن تُصاحبها استراتيجية شاملة تشمل المصالحة الوطنية، والتنمية، وتوفير بدائل واقعية للشباب المعرّضين للتطرف.
وفي أبريل الماضي، أفادت أفريكوم بأنها نفذت أربع ضربات جوية في الصومال: ثلاث ضد إرهابيي داعش وواحدة ضد حركة الشباب، مشيرة إلى أن واحدة على الأقل من هذه الضربات استهدفت أهدافًا متعددة.
على مدى السنوات الماضية، قدمت الولايات المتحدة دعمًا للقوات الصومالية من خلال الضربة الجوية الأمريكية في الصومال ومساعدات أخرى في مواجهة الجماعات المتطرفة.
وفي مارس، أرسل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يعرض فيها منح الولايات المتحدة “السيطرة التشغيلية الحصرية” على قواعد جوية وموانئ بحرية، بما في ذلك قواعد بيربيرا وباليدوغل الجوية وموانئ بيربيرا وبوصاصو، لتعزيز المشاركة الأمريكية في المنطقة.
يُذكر أن ميناء بيربيرا يقع في مدينة رئيسية ضمن منطقة أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها من جانب واحد ولم تحظَ باعتراف دولي.
تعرف المزيد على: مباراة ودية تاريخية تجمع المنتخب الوطني الصومالي ونجوم إفريقيا في ملعب العاصمة