يعود الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين لتشعل الساحة الاقتصادية العالمية مجددًا، بعد تصريحات حادة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد بكين، وقرارات متبادلة تهدد بتقويض الهدنة الهشة التي سادت خلال العامين الماضيين. وبينما يتحدث ترامب عن “علاقات ممتازة ولكن متوترة” مع نظيره الصيني شي جين بينغ، فإن الأسواق تقرأ بين السطور بداية جولة جديدة من الصراع الاقتصادي بين أكبر اقتصادين في العالم.
1. ترامب يشعل فتيل الحرب التجارية مجددًا

أعاد ترامب لغة التهديد التجاري إلى الواجهة بعدما انتقد توقف الصين عن شراء فول الصويا الأمريكي، واصفًا الخطوة بأنها “عمل عدائي اقتصادي”. وردّ عبر منصته “تروث سوشيال” بأنه يدرس إنهاء التعامل التجاري مع الصين في قطاعات تشمل زيت الطهي وبعض السلع الحيوية. هذه التصريحات كانت كافية لإعادة الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين إلى دائرة الضوء، بعدما ظنّ كثيرون أنها انطفأت بانتهاء ولايته الأولى.
2. فول الصويا في قلب العاصفة الاقتصادية
يبدو أن مزارعي فول الصويا الأمريكيين سيدفعون الثمن أولًا في حال تصاعدت الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين. فالصين هي المستورد الأكبر للمحاصيل الأمريكية، وأي توقف في التبادل التجاري سيؤثر على الريف الأمريكي وعلى سلاسل الإمداد العالمية. وقد حذّر ترامب من “صعوبات كبيرة للمزارعين” إذا استمرت بكين في سياستها الجديدة، مؤكدًا أن واشنطن قد ترد بالمثل على منتجات صينية أساسية.
3. المعادن النادرة.. سلاح الصين الصامت

في المقابل، لجأت بكين إلى ورقة المعادن النادرة، التي تُعد شريانًا أساسيًا لصناعة الإلكترونيات والسيارات الكهربائية والتقنيات الدفاعية. فرضت الصين ضوابط تصدير جديدة على هذه المواد، وهو ما اعتبره وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” محاولة لإضعاف الاقتصاد العالمي. هذه الخطوة تمثل أحد محاور الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين، إذ تمتلك بكين القدرة على التأثير في الصناعات الحساسة حول العالم من خلال هذا المورد الاستراتيجي.
4. رسوم جمركية متبادلة وتهديدات جديدة

لم تتوقف التصريحات عند حدود التهديد. فقد لمح ترامب إلى إمكانية فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الواردات الصينية بدءًا من نوفمبر المقبل، ردًا على سياسات بكين الأخيرة. الممثل التجاري الأمريكي، جيميسون جرير، صرّح بدوره أن الجدول الزمني للتعريفات يمكن تسريعه “اعتمادًا على ما سيفعله الصينيون”. ومع كل تصريح جديد، تتعمّق مخاوف الأسواق من تصعيد جديد في الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين، قد يدفع بالاقتصاد العالمي نحو مرحلة من عدم اليقين.
5. الاقتصاد العالمي على حافة القلق
تأتي الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من ضغوط متزايدة بسبب تباطؤ النمو وارتفاع تكاليف الطاقة. يرى خبراء أن أي تصعيد جديد قد يفاقم التضخم ويزيد من تراجع سلاسل الإمداد. وتشير بيانات حديثة إلى أن واردات الولايات المتحدة من الزيوت والشحوم الحيوانية ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، مدفوعة بزيادة الطلب المحلي على الديزل الحيوي، ما يوضح مدى ترابط الأسواق بين البلدين رغم الخلافات السياسية.
دوافع سياسية خلف الصراع الاقتصادي

بعيدًا عن لغة الأرقام، يرى محللون أن الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين تحمل بُعدًا سياسيًا واضحًا. فترامب يحاول عبر الخطاب الصارم تجاه بكين تعزيز شعبيته الداخلية وإظهار الحزم في الدفاع عن الاقتصاد الأمريكي. في المقابل، تصر الصين على أنها “مستعدة للقتال حتى النهاية”، معتبرة أن واشنطن تمارس “المعايير المزدوجة” في العلاقات الاقتصادية الدولية.
تعرف المزيد: عائدات النفط في إثيوبيا كلمة السر في ثراء منطقة الصومال
من فول الصويا إلى المعادن النادرة، ومن التصريحات إلى التهديدات الجمركية، تتجلى ملامح مرحلة جديدة من الصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين. ورغم أن الهدوء النسبي قد يعود مؤقتًا، فإن جذور الأزمة أعمق من مجرد تبادل تجاري؛ إنها صراع على النفوذ الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين. وما لم يتجه الطرفان إلى حلول واقعية، فإن كل أزمة بينهما ستظل تؤثر في العالم بأسره، من حقول المزارعين الأمريكيين إلى مصانع التكنولوجيا في شرق آسيا.