تتصاعد في الآونة الأخيرة المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم، مع انتشار مقاطع الفيديو والمنشورات التي تزعم أن أدوات مثل “شات جي بي تي” قادرة على الوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون دون إذن. وبينما يتزايد اعتماد الناس على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية، يتعمّق القلق حول مدى أمان البيانات الشخصية التي نشاركها.
شائعات تثير الرعب.. من يراقب من؟

على مواقع التواصل الاجتماعي، تنتشر روايات مثيرة عن أن الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم في خطر دائم، وأن “شات جي بي تي” “يرى” المستخدم من خلال الكاميرا أو “يسمعه” عبر الميكروفون حتى دون تشغيله. هذه الشائعات تلقى صدى لدى الجمهور، خاصة في ظل الغموض المحيط بآليات عمل هذه الأدوات العملاقة.
لكن الحقيقة التقنية مختلفة تمامًا، وفق ما يؤكده خبراء الأمن السيبراني، ومنهم المهندس رامي المليجي، الذي شدد في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” على أن “شات جي بي تي” لا يمتلك القدرة على الوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون من دون إذن المستخدم.
الأذونات.. البوابة الحقيقية للخطر

يوضح المليجي أن الخطر الحقيقي لا يكمن في “ذكاء” الأداة، بل في الأذونات التي يمنحها المستخدم دون وعي.
فكل تطبيق سواء للذكاء الاصطناعي أو غيره يطلب عند تحميله صلاحيات معينة للوصول إلى الميكروفون أو الكاميرا أو الملفات. وهنا تبدأ معركة الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم، إذ يصبح المستخدم نفسه هو الحلقة الأضعف في حماية بياناته.
وينصح الخبير بضرورة إلغاء الأذونات فور الانتهاء من استخدامها، والتأكد من مراجعة إعدادات الخصوصية بانتظام، وهي توصية وردت أيضًا في دليل الاستخدام الرسمي لشركة OpenAI المطورة لتطبيق “شات جي بي تي”.
هل يحتفظ “شات جي بي تي” ببيانات المستخدمين؟

من الناحية العملية، لا يقوم التطبيق بجمع بيانات شخصية أو تشغيل الكاميرا والميكروفون في الخلفية. ما يحتفظ به النظام هو بعض المعلومات البسيطة التي تساعد على تحسين تجربة المستخدم مثل الاسم أو اللغة المفضلة، مع إمكانية تعطيل حفظ المحادثات من إعدادات الخصوصية.
وهنا تتجلى أهمية وعي المستخدمين بمفهوم الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم، وعدم مشاركة أي بيانات حساسة خلال التفاعل مع هذه الأدوات.
لماذا تبدو إجابات الذكاء الاصطناعي دقيقة كأنه “يعرفنا”؟
الكثيرون يعتقدون أن دقة إجابات “شات جي بي تي” تعني أنه يراقبهم، لكن السبب الحقيقي يكمن في حجم البيانات الضخم الذي تم تدريب النماذج اللغوية عليه.
لقد تعلم الذكاء الاصطناعي من مليارات النصوص والحوارات من الإنترنت، ما مكّنه من فهم أنماط التفكير البشري. هذه القدرة على توقّع السلوك هي ما يجعل البعض يخلط بين الذكاء التفاعلي و”المراقبة”، ويظن أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم علاقة تجسس وليست تعلمًا لغويًا.
أين تقف القوانين من حماية المستخدمين؟

حتى الآن، تطور القوانين أبطأ بكثير من تطور التكنولوجيا. فشركات الذكاء الاصطناعي تقدم بعض الضمانات مثل حماية البيانات من الاختراق، وتفعيل “حق النسيان” الذي يسمح بحذف المحادثات القديمة، لكنها لا تزال في بداياتها.
ورغم أن هذه الإجراءات تحسن من وضع الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم، إلا أنها لا توفر مظلة قانونية شاملة تضمن الحقوق الرقمية في كل الدول.
نصائح لتأمين نفسك في عصر الذكاء الاصطناعي
في ظل هذا الواقع، يقدم الخبراء مجموعة من النصائح الأساسية لحماية الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم:
- لا تمنح أي تطبيق صلاحيات دائمة للوصول إلى الكاميرا أو الميكروفون.
- امسح سجلات المحادثات بانتظام.
- لا تربط حساباتك الشخصية بتطبيقات متعددة في وقت واحد.
- تجنب مشاركة بيانات مالية أو أسرية حساسة.
- راقب إعدادات الخصوصية باستمرار ولا تتجاهل إشعارات الأذونات.
تعرف المزيد: استثمارات الذكاء الاصطناعي في العملات الأوروبية.. من سيحصد المكاسب الكبرى؟
التكنولوجيا تتطور.. والوعي هو خط الدفاع
لا شك أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، لكنه في الوقت ذاته يعيد صياغة مفهوم الخصوصية بالكامل. ومع كل تطور جديد، يتطلب الأمر وعيًا أكبر من المستخدمين بحدود الأمان التي يجب ألا يتجاوزوها.
فالعلاقة بين الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم ليست علاقة صراع فقط، بل علاقة توازن بين الاستفادة من التقنية والحفاظ على الأمان الرقمي.