كشف تقرير حديث صادر عن منظمة التجارة العالمية أن الذكاء الاصطناعي في التجارة العالمية يمكن أن يرفع قيمة السلع والخدمات بنسبة تقارب 40% بحلول عام 2040. ويرجع ذلك إلى قدرته على خفض تكاليف المعاملات، وتحسين كفاءة الإنتاج، وتعزيز سلاسة سلاسل التوريد عبر الحدود.
خفض التكاليف وتعزيز الإنتاجية

بحسب التقرير، فإن اعتماد الشركات على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الخدمات اللوجستية، الامتثال التنظيمي، والترجمة الفورية، سيؤدي إلى خفض النفقات وزيادة الإنتاجية. هذه التطورات ستجعل من الذكاء الاصطناعي في التجارة العالمية أداة رئيسية لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من دخول أسواق جديدة كانت صعبة المنال في السابق.
فرص للدول منخفضة الدخل
أشار التقرير إلى أن الدول ذات الدخل المنخفض قد تستفيد من الذكاء الاصطناعي في التجارة العالمية إذا طورت بنيتها التحتية الرقمية واستثمرت في التعليم والتقنيات الحديثة. وتشير التقديرات إلى أن صادرات هذه الدول قد ترتفع بنسبة تصل إلى 11% بفضل التحولات الرقمية، ما يمنحها موقعًا أقوى في السوق الدولية.
مخاطر تفاقم عدم المساواة

رغم التفاؤل، حذرت منظمة التجارة العالمية من أن الذكاء الاصطناعي في التجارة العالمية قد يؤدي إلى تفاقم التفاوت الاقتصادي إذا لم تتم إدارة التحول بشكل عادل. فالشركات والدول التي تفتقر إلى البنية التحتية أو المهارات الرقمية قد تجد نفسها متأخرة عن الركب، مما يوسع الفجوة بينها وبين الاقتصادات المتقدمة.
تحديات أسواق العمل
أوضحت المديرة العامة للمنظمة، نجوزي أوكونجو إيويالا، أن الذكاء الاصطناعي سيُحدث تغييرات جذرية في سوق العمل، إذ سيستبدل بعض الوظائف ويخلق أخرى جديدة. لذلك، يتطلب الأمر سياسات تعليمية وتدريبية تعزز المهارات الرقمية وتضمن تكيف القوى العاملة مع التحولات. وبدون هذه السياسات، قد يتحول الذكاء الاصطناعي في التجارة العالمية إلى عامل تهديد للاستقرار الاجتماعي.
دور السياسات الوطنية والدولية

أكدت المنظمة أن الانتقال السلس نحو مستقبل يعتمد على الذكاء الاصطناعي في التجارة العالمية يحتاج إلى استثمارات ضخمة في التعليم، شبكات الأمان الاجتماعي، والتدريب المهني. كما شددت على أهمية خفض الرسوم الجمركية على المواد الخام اللازمة لصناعة الذكاء الاصطناعي، مثل أشباه الموصلات، لضمان توزيع مكاسب هذه الثورة التكنولوجية بشكل أكثر عدلاً.
تعرف المزيد: رسوم تأشيرات H-1B بقيمة 100 ألف دولار: قرار ترامب يفتح أزمة للهجرة والعمالة الأجنبية

مستقبل الاقتصاد العالمي بين الفرص والمخاطر
في النهاية، يضع التقرير صانعي القرار أمام معادلة دقيقة: إما أن يتحول الذكاء الاصطناعي في التجارة العالمية إلى أداة لزيادة الرفاهية الاقتصادية وتوسيع المشاركة العالمية في الأسواق، أو يصبح عاملًا مضاعفًا للتفاوتات القائمة. وهو ما يجعل تبني سياسات شاملة واستباقية أمرًا لا مفر منه لضمان استفادة الجميع من هذه الثورة القادمة.