يبرز الدور الإقليمي والدولي للإمارات اليوم كأحد أكثر الأدوار تأثيرًا في المشهد العالمي، بفضل الرؤية الواقعية والمرنة التي تنتهجها القيادة الإماراتية برئاسة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
فمن خلال دبلوماسية تستند إلى مبدأ “الاستقلال الاستراتيجي”، نجحت دولة الإمارات في أن تتحول من مجرد فاعل إقليمي إلى شريك رئيسي في صياغة التوازنات الدولية وصناعة الحلول المشتركة للتحديات العالمية.
المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة، أنور قرقاش، أكد في “مؤتمر الإمارات الصحفي الدولي” أن القيادة الإماراتية تعزز من هذا النهج عبر بناء شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون الجماعي مع الدول الصديقة، في إطار رؤية تسعى لترسيخ السلام والتنمية والاستقرار في المنطقة والعالم.
الاستقلال الاستراتيجي كمنهج إماراتي
يأتي هذا التوجه ضمن مساعي الدولة لترسيخ مفهوم الدور الإقليمي والدولي للإمارات كقوة سلام واستقرار، وليس مجرد لاعب سياسي.
فالإمارات، وفق قرقاش، تتبنى سياسة واقعية تمكّنها من التكيف مع التحولات الجيوسياسية، وتستند إلى التوازن في علاقاتها مع القوى العالمية والإقليمية، ما جعلها وجهة موثوقة في الوساطات وحل النزاعات.
ولعلّ سر تميز الدور الإقليمي والدولي للإمارات يكمن في قدرتها على الجمع بين البعد السياسي والإنساني، مما جعلها نموذجًا فريدًا في دبلوماسية “القوة الناعمة” المستندة إلى العمل الإنساني والإنمائي.
القوة الإنسانية كركيزة للسياسة الخارجية
من جانبها، أوضحت ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، أن نهج الإمارات في سياستها الخارجية قائم على الشراكة والتعاون والتضامن الإنساني، إيمانًا بأن السلام والتنمية هما ثمرة جهد جماعي ومسؤولية مشتركة.
وقدمت الدولة منذ تأسيسها أكثر من 370 مليار درهم كمساعدات إنسانية وتنموية، وصلت آثارها إلى أكثر من مليار إنسان حول العالم، في تجسيد عملي لمدى اتساع الدور الإقليمي والدولي للإمارات الذي يتجاوز الحدود السياسية ليصل إلى عمق الإنسانية.
غزة والسودان واليمن.. دبلوماسية الميدان الإنساني
يتجلى الدور الإقليمي والدولي للإمارات بوضوح في ساحات الأزمات الإنسانية.
ففي غزة، أطلقت الإمارات عملية “الفارس الشهم 3” لتوفير أكثر من 9.4 مليار درهم (2.57 مليار دولار) من المساعدات، إلى جانب 100 ألف طن من الإمدادات الغذائية والطبية، و2 مليون جالون من المياه، فضلًا عن إجلاء نحو 2961 مريضًا ومرافقًا للعلاج داخل الدولة.
أما في السودان، فقد خصصت الإمارات نحو 3 مليارات درهم خلال العامين الماضيين لدعم الشعب السوداني والنازحين في دول الجوار، مؤكدة التزامها الثابت بموقف يدعو إلى وقف إطلاق النار ودعم مرحلة انتقالية مدنية شاملة.
وفي اليمن، واصلت الدولة دورها في إعادة الإعمار وتحسين الخدمات الأساسية بتقديم 26.1 مليار درهم، مما يعكس الجانب التطبيقي لـ الدور الإقليمي والدولي للإمارات الذي يجمع بين الدعم الإنساني والاستقرار السياسي.
من أوكرانيا إلى باكستان.. حضور عالمي يعزز مكانة الإمارات
لم يقتصر الدور الإقليمي والدولي للإمارات على العالم العربي، بل امتد إلى مناطق الصراع العالمية.
فقد قامت الإمارات بدور وساطة إنساني في أوكرانيا ساهم في تبادل أكثر من 4600 أسير حرب منذ اندلاع النزاع، كما أرسلت أكثر من 1000 طن من المساعدات عبر 14 رحلة جوية، بالإضافة إلى 385 مليون درهم لدعم الشعب الأوكراني.
وفي أفغانستان، أسست الدولة عشر عيادات للأمومة في ولايات مختلفة، فيما قدمت في باكستان أكثر من 700 مليون جرعة تطعيم ضد شلل الأطفال، ما جعلها شريكًا محوريًا في الجهود الصحية والتنموية العالمية.
الإمارات نموذج جديد للقوة المتوازنة
في عالم يشهد تصاعد التوترات وتراجع الثقة في الدبلوماسية التقليدية، يبرز الدور الإقليمي والدولي للإمارات كأحد أكثر النماذج توازنًا وفاعلية.
فالدولة لا تكتفي بالمشاركة في الحوارات الدولية، بل تساهم في صياغة الحلول، انطلاقًا من رؤية ترى أن الاستقرار والسلام مسؤولية مشتركة، وأن العمل الإنساني هو اللغة الأصدق للتأثير.
تعرف المزيد: الإجهاض في الصومال.. مداهمة في مقديشو تكشف واقعًا صادمًا | بالصور
بهذه السياسة المتوازنة التي تجمع بين البراغماتية السياسية والإنسانية الفاعلة، تواصل الإمارات ترسيخ مكانتها كقوة محورية في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا في المنطقة والعالم.
