بعد أكثر من ثلاثة عقود من التوقف، تستعد الخطوط الجوية الصومالية للعودة إلى الأجواء قبل نهاية عام 2025، في خطوة تُعد من أبرز إنجازات الحكومة الصومالية على طريق إعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز السيادة الوطنية.
وزير النقل والطيران المدني، محمد فرح نوح، أعلن في مؤتمر صحفي بمقديشو أن الناقل الوطني أصبح “جاهزًا للإقلاع”، مؤكدًا أن الاستعدادات اللوجستية والفنية دخلت مراحلها الأخيرة.
فجر جديد لنهضة اقتصادية

عودة الخطوط الجوية الصومالية ليست مجرد استئناف لرحلات جوية، بل هي رمز لنهضة وطنية بدأت تتجلى في مختلف القطاعات. فالشركة التي توقفت عام 1991 بسبب انهيار الحكومة المركزية، تعود اليوم لتعكس وجهًا جديدًا للصومال بلدًا يتطلع إلى السماء بثقة جديدة.
هذا الإحياء يعيد الأمل لملايين الصوماليين، ويمنح المغتربين وسيلة تربطهم بوطنهم بعد سنوات من الاغتراب، كما يعزز من مكانة مقديشو كمركز إقليمي متنامٍ في القرن الأفريقي.
خطة مدروسة لتحديث النقل الجوي

في يوليو 2025، أعلنت الحكومة عن شراء طائرتين من طراز A320-200 كمرحلة أولى ضمن خطة تطوير الخطوط الجوية الصومالية.
وتهدف الخطة إلى توسيع الأسطول تدريجيًا عبر إضافة طائرتين أو ثلاث طائرات إضافية بحلول عام 2026، لتأمين رحلات داخلية وإقليمية ودولية.
الوزير نوح أوضح أن الطائرات والمعدات الفنية جاهزة، وأن طواقم التدريب والعمليات تخضع حاليًا لبرامج تأهيل متقدمة استعدادًا للإطلاق الرسمي.
بنية تحتية حديثة تدعم الرؤية الجديدة
يتزامن استئناف الخطوط الجوية الصومالية مع مشروع وطني ضخم لبناء مطار دولي جديد في منطقة محاي بتكلفة 643 مليون دولار أمريكي، ليحل محل مطار مقديشو الحالي.
هذا المشروع يمثل ركيزة أساسية في الخطة الوطنية التاسعة للتنمية، ويهدف إلى جعل الصومال مركزًا إقليميًا لحركة الطيران التجاري والخدمات اللوجستية.
كما تعمل الحكومة على تجديد 15 مطارًا إقليميًا من أصل 72 مهبطًا في البلاد، ضمن رؤية شاملة لتحديث قطاع النقل الجوي.
من الانقطاع إلى الانطلاق

تأسست الخطوط الجوية الصومالية عام 1964، وكانت آنذاك فخر الصومال في الأجواء، قبل أن تتوقف عملياتها عام 1991.
ومنذ ذلك الحين، ظل حلم إعادة الناقل الوطني حاضرًا في وجدان الصوماليين، إلى أن تحقق اليوم عبر جهود حكومية ممنهجة لإحياء أحد أهم رموز الدولة.
استعادة الصومال السيطرة الكاملة على منطقة معلومات الطيران في مقديشو عام 2023 شكّل الخطوة الأولى نحو هذه العودة، ممهدة الطريق أمام مرحلة جديدة من السيادة الجوية.
رؤية تتجاوز الطيران

مشروع إعادة تشغيل الخطوط الجوية الصومالية لا يُختصر في تسيير الطائرات، بل يرمز إلى إعادة بناء الثقة الوطنية وتوسيع فرص العمل للشباب، وتنشيط السياحة والاستثمار.
كما أنه يضع الصومال على خارطة النقل الإقليمي، ويعزز دوره في الربط بين أفريقيا والعالم العربي.
تعرف المزيد: مؤتمر أرتا لإعادة بناء الصومال في جيبوتي: 25 عامًا على لحظة ميلاد الأمل
سماء الصومال تفتح ذراعيها من جديد
بينما تستعد الخطوط الجوية الصومالية للإقلاع من جديد، تبدو هذه العودة بمثابة إعلان بأن الصومال تجاوز مرحلة الانقسام والاضطراب، ودخل عصر التنمية والتكامل.
إنها ليست مجرد شركة طيران، بل رمز لعصر جديد من الإصرار والطموح الوطني…
السماء تنتظر الصومال، والصومال أخيرًا جاهز للتحليق.