في ظل تصاعد التهديدات الأمنية وتحديات الاستقرار، تشن الحكومة الفيدرالية الصومالية حملة شاملة ضد حركة الشباب، تشمل عمليات عسكرية دقيقة، ضربات استخباراتية متقدمة، وإجراءات قضائية لتجفيف منابع التمويل. وتتخذ هذه الحملة الصومالية ضد حركة الشباب طابعًا تصعيديًا ومترابطًا، في محاولة لاستعادة السيطرة على المناطق الريفية والحد من قدرة الجماعة الإرهابية على التمدد والتجنيد.
العاصفة الصامتة.. عملية نوعية
في خطوة عسكرية وُصفت بـ”المدروسة والدقيقة”، أطلقت وزارة الدفاع الصومالية عملية ميدانية تحت اسم “العاصفة الصامتة”، بالتعاون مع القوات الأوغندية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي (أتميس)، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 70 عنصرًا من حركة الشباب في بلدة “بريير” الزراعية الواقعة في منطقة شبيلي السفلى، جنوب البلاد.
وتعد هذه العملية واحدة من أبرز محطات الحملة الصومالية ضد حركة الشباب، إذ استطاعت إحباط هجوم مزدوج بسيارتين مفخختين كان من الممكن أن يوقع عددًا كبيرًا من الضحايا. وبالرغم من سقوط شهيدين وجرح 12 من أفراد الجيش الوطني، إلا أن العملية وُصفت بالنقطة الفاصلة في منع تمدد التنظيم الإرهابي في هذه المنطقة.
جهاز “غاشان” يضرب في الصميم
في موازاة الجهود العسكرية، نفذ جهاز الاستخبارات الوطني الصومالي عملية خاصة عن طريق وحدته النخبوية “غاشان”، في منطقة “عمر بيري” بشبيلي السفلى، استهدفت مواقع استراتيجية تُستخدم كنقاط انطلاق لعمليات إرهابية.
وقد أسفرت العملية عن مقتل 5 مسلحين من حركة الشباب وتدمير تحصينات كانت تُجهز لاستهداف بنى تحتية ومراكز مدنية. وتعكس هذه الضربة نجاحًا جديدًا ضمن الحملة الصومالية ضد حركة الشباب، عبر اعتماد أسلوب الضربات الاستباقية المستندة إلى معلومات استخباراتية دقيقة.
نقطة ضعف و انسحاب بدون مقاومة
رغم المكاسب الأمنية في الجنوب، لا تزال التحديات قائمة في الأقاليم الوسطى، حيث سُجل تراجع مقلق في إقليم هيران. فقد سيطر مسلحو حركة الشباب على منطقة غوبو القريبة من بلدة محاس، عقب انسحاب القوات الحكومية دون أي اشتباك.
هذا الحدث وضع علامات استفهام على الجاهزية القتالية والاستعداد اللوجستي للقوات المحلية، ما يُبرز إحدى الثغرات التي تُحاول الحملة الصومالية ضد حركة الشباب معالجتها من خلال زيادة الدعم والتنسيق مع الوحدات المنتشرة في المناطق النائية.
ضربة في العمق المالي: تجميد ملايين الدولارات
وفي تحول استراتيجي لافت، أعلنت وزارة الدفاع بالتعاون مع مكتب النائب العام عن تفكيك شبكة تمويل ضخمة لحركة الشباب، تتضمن أكثر من 250 قضية مرتبطة بغسل الأموال، وتجميد أكثر من مليون دولار أمريكي في حسابات بنكية مشبوهة.
ويأتي هذا الإنجاز في سياق الحملة الصومالية ضد حركة الشباب، التي لم تقتصر على الجبهات العسكرية، بل شملت كذلك المسارات القضائية والمالية لتجفيف منابع تمويل التنظيم. وقد شملت العملية تدقيقًا في أكثر من 3500 حساب، ما يعكس مدى تغلغل الجماعة في الأنظمة المالية غير المنظمة.
استراتيجية ثلاثية لاستعادة المبادرة
تُشير التطورات المتسارعة إلى تبنّي الصومال لاستراتيجية متكاملة ذات ثلاثة محاور أساسية، تُشكّل جوهر الحملة الصومالية ضد حركة الشباب:
- الضربات العسكرية المباشرة: لتفكيك السيطرة الميدانية للجماعة الإرهابية.
- العمليات الاستخباراتية الاستباقية: لكشف الشبكات الداخلية قبل تحركها.
- تجفيف منابع التمويل: لتعطيل قدرة الجماعة على التوسع والتجنيد وشراء الولاءات.
ويؤكد مسؤولون في الحكومة أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى كسر العمود الفقري لحركة الشباب، وإعادة الأمن والاستقرار تدريجيًا إلى المناطق المتضررة.
مخاوف قائمة رغم التقدم
على الرغم من النجاحات الميدانية والمالية، لا تزال هناك تحديات كبيرة أمام الحملة الصومالية ضد حركة الشباب. فانسحاب القوات المحلية من بعض المناطق دون قتال يُنذر بمخاطر انتكاسة قد تعيد الجماعة إلى الواجهة، خاصة إذا لم تُدعَم الوحدات المحلية بالإمدادات والتدريب الكافي.
ويرى مراقبون أن مفتاح الاستمرارية في هذه الحملة يكمن في إصلاح المنظومة الأمنية، وتحقيق المزيد من التكامل بين الجيش، الاستخبارات، والسلطات القضائية.
المجتمع الدولي.. دعم مطلوب لاستكمال الحملة
في ظل هذه الديناميكيات الأمنية المعقدة، تعول الحكومة الصومالية على دعم المجتمع الدولي لاستكمال الحملة الصومالية ضد حركة الشباب، خصوصًا في الجانب المالي والتقني، مثل مراقبة التحويلات، وتقديم تقنيات تتبع تمويل الإرهاب، فضلًا عن استمرار الدعم اللوجستي للبعثة الأفريقية.
ويعد هذا التعاون عنصرًا محوريًا في الحفاظ على الزخم الحالي للحملة، خاصة أن الحرب ضد الإرهاب في الصومال لم تعد شأنًا محليًا، بل جزءًا من أمن إقليمي ودولي مشترك.
تعرف المزيد: مقتل إرهابيي حركة الشباب في الصومال: 70 قتيلًا في ضربة موجعة جنوب البلاد
معركة طويلة ولكن واعدة
تمثل الحملة الصومالية ضد حركة الشباب نموذجًا لحرب متعددة الجبهات، لا تخاض بالسلاح فقط، بل تحتاج إلى أدوات سياسية، استخباراتية، قضائية، وتنموية. ورغم التحديات، فإن المؤشرات الحالية تُظهر أن الحكومة الصومالية عازمة على المضي قدمًا في هذه المعركة المصيرية، مدعومة بإرادة وطنية وتعاون دولي.
وفيما تواصل القوات عملياتها على الأرض، يبقى رهان المستقبل على بناء جيش محترف، وتعزيز المؤسسات، وسد الثغرات الأمنية لضمان ألا يكون هناك موطئ قدم للإرهاب من جديد في الصومال.