في خطوة تعكس التوجه العالمي نحو التمويل الأخضر، أعلنت الدنمارك والهند عن تعاون جديد لتعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية الخضراء، وذلك خلال فعاليات مهرجان التكنولوجيا المالية العالمي 2025 الذي استضافته مدينة مومباي.
وجمعت الفعالية، التي نظمتها مؤسسة الاستثمار في الدنمارك وكوبنهاغن فينتك بالشراكة مع شبكة Startup Réseau، نخبة من صناع القرار والمستثمرين والخبراء من البلدين لاستكشاف حلول رقمية تدعم مستقبلًا ماليًا أكثر استدامة.
التمويل المستدام.. محور النقاش بين قادة الصناعة والسياسات

ركزت الجلسة المغلقة التي أقيمت ضمن المهرجان على التقاء الاستدامة بالتمويل، حيث تبادل المشاركون الأفكار حول كيفية توجيه رأس المال نحو مشروعات صديقة للمناخ.
بدأت الفعالية بكلمة السفير راسموس أبيلدجارد كريستنسن، سفير الدنمارك لدى الهند، الذي شدد على التزام بلاده بتعزيز التعاون الدولي في مجالات التمويل الأخضر والابتكار المستدام.
كما تحدث أولريك ندجارد، محافظ البنك الوطني الدنماركي، عن تجربة بلاده الرائدة في دمج اعتبارات المناخ ضمن السياسات المالية والتنظيمية، مؤكدًا أن الاستدامة لم تعد خيارًا بل ضرورة اقتصادية طويلة الأمد.
وفي المقابل، قدّم ك. راجارامان، رئيس هيئة مراكز الخدمات المالية الدولية (IFSCA)، رؤية الهند لبناء “بوابة مالية عالمية” تعزز التمويل الأخضر والمبتكر، معتبرًا أن التعاون مع دول مثل الدنمارك يشكل ركيزة لتطوير البنية التحتية المالية المستدامة في المنطقة.
إطلاق تقرير “التكنولوجيا المالية الخضراء – الدنمارك”

على هامش الحدث، تم إطلاق تقرير جديد بعنوان “التكنولوجيا المالية الخضراء – الدنمارك: حلول رقمية لمستقبل مستدام”، الذي يسلط الضوء على الشركات الناشئة والمبادرات المبتكرة في الدنمارك والهند.
يركز التقرير على التقاطع بين التكنولوجيا والاستدامة في قطاعات الخدمات المصرفية والمالية، ويستعرض نماذج التعاون الممكنة بين الشركات الدنماركية والهندية لتسريع التحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون.
توافق السياسات وتعزيز ثقة المستثمرين
أكدت النقاشات أن وضوح الأطر التنظيمية وتنسيق السياسات بين الدول يمثلان حجر الزاوية في جذب الاستثمارات وتمويل المشاريع الخضراء.
وشدد المشاركون على أن الشراكات بين البنوك، الشركات، وشركات التكنولوجيا المالية يمكن أن تخلق حلولًا مالية مبتكرة تواكب أهداف التنمية المستدامة وتفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي المسؤول بيئيًا.
الدنمارك.. نموذج الشمال الأوروبي في الابتكار المالي الأخضر

من خلال مشاركتها في المهرجان، سعت الدنمارك إلى ترسيخ مكانتها كدولة رائدة في التكنولوجيا المالية المناخية، مستعرضة خبراتها في مجالات الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، والأمن السيبراني، والتمويل المستدام.
وتبرز كوبنهاغن اليوم كواحدة من أكثر البيئات جذبًا للشركات الناشئة في أوروبا بفضل سياساتها المستقرة وشبكة مؤسساتها البحثية والتمويلية المتقدمة.
كما يشكل الربط الجوي الجديد بين كوبنهاغن ودلهي ومومباي عاملًا إضافيًا لتقوية جسور التعاون بين البلدين في مجالات التكنولوجيا والابتكار الأخضر.
كوبنهاغن فينتك: منصة الابتكار المالي في الشمال الأوروبي
تُعد كوبنهاغن فينتك (Copenhagen Fintech) مركز الابتكار الأبرز في منطقة الشمال الأوروبي، إذ تعمل على دعم الشركات الناشئة وتعزيز التعاون بين المؤسسات المالية والجامعات ورواد الأعمال.
تركز المؤسسة على حلول الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، والشمول الرقمي، وتمويل التكنولوجيا المالية الخضراء، مما يجعلها محركًا رئيسيًا في ترسيخ مكانة الدنمارك كقوة عالمية في الابتكار المالي المستدام.
الدبلوماسية الاقتصادية الدنماركية.. نموذج للتكامل بين الاستدامة والابتكار
تلعب القنصلية العامة للدنمارك في بنغالور دورًا محوريًا في بناء الجسور بين الدنمارك والهند من خلال دعم التعاون الصناعي والأكاديمي والابتكاري.
ويركز عملها على التحول الأخضر وعلوم الحياة والنمو المستدام، بالتعاون مع مجلس التجارة ومركز الابتكار وهيئة الاستثمار في الدنمارك، مما يعزز من فرص الشراكة الاقتصادية المستدامة بين الجانبين.
تعرف المزيد: التكنولوجيا في رعاية مرضى الخرف: مستقبل الرعاية الإنسانية في عصر الذكاء الاصطناعي
رؤية مشتركة لمستقبل التكنولوجيا المالية الخضراء
في ختام المهرجان، برزت الدنمارك والهند كنموذجين متكاملين في مسار التحول نحو التمويل المستدام، مؤكدتين أن التكنولوجيا ليست فقط وسيلة لتحقيق الأرباح، بل أيضًا أداة لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي على أسس أكثر عدلًا ومسؤولية بيئية.
هذا التعاون بين كوبنهاغن ومومباي لا يقتصر على تبادل الخبرات، بل يؤسس لشراكة طويلة الأمد تُعيد تعريف دور التكنولوجيا المالية الخضراء كقوة دافعة نحو مستقبل أكثر استدامة وشمولًا.