شهدت التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا نقلة نوعية مع إطلاق موانئ دبي العالمية خطًا بحريًا جديدًا يربط ميناء جبل علي في الإمارات بميناء بربرة في أرض الصومال. الخط الجديد يمثل فرصة لتعزيز الروابط التجارية، وتسهيل وصول البضائع إلى أسواق القرن الأفريقي، بما في ذلك إثيوبيا، عبر طريق أسرع وأكثر موثوقية.
بربرة.. بوابة جديدة للتجارة بين الخليج وشرق أفريقيا

يتيح الخط البحري الجديد، الذي يُشغّل كل تسعة أيام، فرصًا واسعة للتجارة بين الخليج وشرق أفريقيا. مع توقفات في عدن وجيبوتي، يمكن للشحنات الوصول إلى المدن الساحلية الكبرى، وتجاوز الطرق التقليدية التي تعتمد على ميناء جيبوتي والنقل البري لمسافات طويلة.
تجعل هذه الخدمة بربرة مركزًا لوجستيًا محوريًا، يربط الأسواق الإقليمية بالموانئ العالمية ويعزز النمو الاقتصادي المحلي.
تحول استراتيجي في الممرات البحرية

يمثل هذا المشروع أكثر من مجرد خط شحن جديد، فهو جزء من خطة متكاملة لتقوية التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا من خلال ممرات بحرية مستقرة وآمنة.
يوفر الخط أوقات عبور منتظمة وقابلة للتنبؤ، ويقلل من مخاطر التأخير في الموانئ التقليدية، مما يدعم سلاسل الإمداد التي تخدم الأسواق الإقليمية والدولية على حد سواء.
ويُتوقع أن يسهم في تحفيز النشاط التجاري في أرض الصومال، وخلق فرص جديدة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والتخزين.
بنية تحتية متطورة وميناء ينافس الكبار

بنى ميناء بربرة مكانته الجديدة على أسس قوية من التحديث. فقد أصبح قادرًا على استقبال أضخم السفن بفضل رصيف بطول 1050 مترًا، من ضمنه 400 متر مخصص لسفن “Triple E”، مع مرافق متقدمة لمناولة البضائع والماشية تصل قدرتها السنوية إلى أربعة ملايين رأس.
كما تضم المنطقة منطقة بربرة الاقتصادية الخاصة (BSEZ) التي أطلقتها موانئ دبي العالمية لجذب المستثمرين ودعم التصنيع المحلي، ما يعزز دور الميناء في شبكة التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا ويضعه على خريطة المراكز اللوجستية الكبرى في المنطقة.
الاستثمار الإماراتي يعيد رسم المشهد التجاري

أكد غانيش راج، الرئيس التنفيذي لعمليات موانئ دبي العالمية البحرية، أن خدمة جبل علي – بربرة تأتي ضمن رؤية أوسع لتعزيز التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا، وتوسيع شبكة الموانئ التي تدعم التكامل الاقتصادي بين الشرق الأوسط والقارة الأفريقية.
وأوضح أن المشروع يساهم في بناء ممرات تجارية مرنة ومستدامة تدعم الشركات والمجتمعات في الجانبين، مشيرًا إلى أن موانئ دبي العالمية ترى في القرن الأفريقي مستقبلًا واعدًا للنمو.
بربرة مركز لوجستي متنامٍ في قلب القرن الأفريقي

منذ بدء عمليات موانئ دبي العالمية في بربرة عام 2017، ارتفعت إنتاجية الميناء بنسبة 450%، ونمت حركة الحاويات بنسبة 30%، فيما تضاعف نقل البضائع العامة بنسبة 90%.
اليوم، تستقبل بربرة أكثر من 14 سفينة حاويات شهريًا بطاقة سنوية تبلغ نصف مليون حاوية قياسية، مع خطط طموحة لرفع السعة إلى مليوني حاوية.
هذه الأرقام تعكس الدور المتنامي لبربرة كمحور رئيسي في التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا، خاصة مع اكتمال مشاريع الطرق التي تربط الميناء بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
الممر الخليجي – الأفريقي… طريق جديد للنمو
يرى خبراء النقل البحري أن الخط الجديد بين جبل علي وبربرة سيكون نقطة تحول في التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا، إذ يمنح التجار والمستثمرين بديلًا حيويًا عن الطرق التقليدية عبر جيبوتي.
كما يعزز الخط التنوع الاقتصادي في المنطقة ويقوّي مرونة البنية التحتية، ما ينعكس على تحسين بيئة الأعمال وخلق فرص استثمارية جديدة في قطاعات الصناعة والطاقة والنقل.
بربرة تتطلع إلى المستقبل

تواصل موانئ دبي العالمية ضخ استثماراتها في أفريقيا، حيث تجاوزت قيمة مشاريعها 3 مليارات دولار حتى الآن، مع التزام بمليارات إضافية خلال السنوات المقبلة.
من رواندا إلى موزمبيق، تتسع شبكة الشركة لتغطي الموانئ والممرات الحيوية في القارة، بهدف دعم التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا وتحويلها إلى محور رئيسي في حركة التجارة العالمية.
تعرف المزيد: الطاقة المتجددة في الصومال: 5 خطوات تغيّر وجه البلاد نحو المستقبل الأخضر
بربرة… بوابة القرن الأفريقي نحو الازدهار
يؤكد إطلاق هذا الخط البحري أن التجارة بين الخليج وشرق أفريقيا تدخل مرحلة جديدة من التكامل، تقودها الإمارات عبر موانئ دبي العالمية التي تواصل بناء شراكات اقتصادية طويلة المدى.
وبينما تتحول بربرة إلى بوابة بحرية تنافسية، تبدو أرض الصومال على أعتاب مرحلة اقتصادية أكثر استقرارًا وازدهارًا، تجعلها في قلب المشهد التجاري الإقليمي والعالمي.