في وقت يترنح فيه الاقتصاد العالمي تحت ضغوط التوترات التجارية وتراجع الاستثمارات، يجد الاقتصاد الصومالي 2025 نفسه أمام اختبار حقيقي. فبين مؤشرات نمو متوسطة، وآمال معلقة على الزراعة والاتصالات والطاقة المتجددة، يهدد تقلص المساعدات الدولية مسار الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة. ومع اعتماد ملايين الصوماليين على الدعم الخارجي وتحويلات المغتربين، يبقى السؤال: هل يتمكن الصومال من الصمود، أم أن التحديات ستتغلب على الإنجازات؟
الأداء الاقتصادي الأخير

في عام 2024، سجّل الاقتصاد الصومالي نموًا بنحو 4%، بفضل تحسن موسم الزراعة وزيادة التحويلات من المغتربين، خاصة من الخليج وأوروبا. هذا التحسن انعكس مباشرة على أسعار بعض السلع الأساسية، بينما تراجع التضخم إلى أقل من 6%، وهو إنجاز اعتبره كثيرون خطوة في الاتجاه الصحيح.
لكن خلف هذه الأرقام، لا يزال المشهد هشًّا. ففي الأسواق المحلية مثل مقديشو وهيرجيسا، يشتكي التجار من تكاليف النقل المرتفعة وسوء البنية التحتية، فيما يعاني المزارعون في بيدوا من موجات الجفاف التي تلتهم المحاصيل عامًا بعد عام.
التوقعات الاقتصادية في الصومال 2025

المؤسسات الدولية تتوقع تباطؤًا في الاقتصاد الصومالي 2025 ليصل النمو إلى 3.8%. السبب الرئيسي هو حالة عدم اليقين مع تراجع المساعدات الدولية، والتي تمثل شريانًا لمشاريع التعليم والصحة.
ورغم أن التحويلات المالية من المغتربين التي تقدَّر بمليارات الدولارات سنويًا – تبقى عامل استقرار، فإن المخاطر متعددة:
- احتمال توسع العجز التجاري بسبب تراجع الصادرات.
- تراجع البرامج الدولية التي تدعم الأمن الغذائي.
- تأثيرات المناخ المتزايدة مثل الجفاف والفيضانات.
الإصلاحات المالية والديون

بعد وصوله في 2023 إلى نقطة الإنجاز ضمن مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون، تمكن الصومال من خفض ديونه الخارجية بشكل لافت. هذا الإنجاز أعطى للحكومة رصيدًا سياسيًا ومعنويًا.
لكن الواقع يكشف أن الإيرادات المحلية لا تزال عند حدود 8% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهو معدل منخفض جدًا. لذلك تراهن الحكومة على إصلاحات تشمل:
- توسيع القاعدة الضريبية.
- تحسين الإدارة الجمركية.
- تعزيز الشفافية المالية بالأنظمة الرقمية.
غير أن هذه الإصلاحات تحتاج إلى استقرار سياسي وأمني حتى تنجح، وهو ما يظل محل شك مع استمرار التوترات في بعض المناطق.
فرص مضيئة لنمو الاقتصاد الصومالي 2025

رغم كل الصعوبات، يحمل الاقتصاد الصومالي 2025 فرصًا لا يستهان بها:
- الزراعة والثروة الحيوانية: تمثل نحو 60% من الناتج المحلي. إدخال أنظمة ري حديثة قد يضاعف الإنتاجية.
- الثروة السمكية: بساحل يزيد عن 3,300 كم، يمتلك الصومال واحدًا من أغنى المصايد في أفريقيا.
- الطاقة المتجددة: الشمس والرياح يمكن أن تجعل الكهرباء أرخص وأكثر استدامة.
- التحول الرقمي: الدفع عبر الهاتف المحمول أصبح واقعًا يوميًا في مقديشو، ويمثل نموذجًا أفريقيًا ناجحًا.
- الاستثمار الأجنبي: إذا وفرت الحكومة بيئة قانونية واضحة، يمكن أن يجذب الصومال شركات تبحث عن أسواق جديدة.
التحديات على أرض الواقع
لكن لا يمكن تجاهل العقبات:
- أكثر من 70% من السكان تحت خط الفقر.
- بطالة الشباب تصل إلى 30%، ما يغذي الهجرة والإحباط.
- تهديدات حركة الشباب تعيق الاستقرار.
- ضعف الطرق والكهرباء يرفع تكاليف أي مشروع استثماري.
- الأزمات المناخية تضرب الزراعة وتزيد النزوح.
الاقتصاد الصومالي في السياق العالمي

مع تباطؤ التجارة العالمية وتوقع نمو الاقتصاد الدولي بنسبة 2.3% فقط في 2025، فإن فرص الصومال في جذب الاستثمارات تبقى محدودة. كما أن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة عالميًا يزيد من الضغوط على الأسر الفقيرة.
لكن على الجانب الآخر، إذا تحسنت أسعار الصادرات الزراعية والسمكية، فقد يشكل ذلك متنفسًا للاقتصاد المحلي.
تعرف المزيد: 5 محاور ترسم ملامح الاقتصاد الإبداعي في العالم
يظل الاقتصاد الصومالي 2025 بين وعود الإصلاح وخطر التراجع. فنجاحه يعتمد على مدى قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات جذرية في الإيرادات والبنية التحتية، مع تنويع مصادر النمو بعيدًا عن المساعدات الخارجية. وفي ظل التحديات الأمنية والمناخية، يبدو أن الصومال بحاجة إلى شراكة دولية قوية ودعم استثماري مستدام ليحقق تحولًا اقتصاديًا حقيقيًا.
عام 2025 سيكون اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الاقتصاد الصومالي 2025 على الصمود، ليس فقط أمام تحديات الداخل، بل أيضًا أمام رياح الاقتصاد العالمي المتقلب