بعد مرور 40 يوماً على الإغلاق الحكومي الأميركي، يبدو أن واشنطن لا تزال غارقة في مأزق سياسي واقتصادي متصاعد. فقد أكد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون، يوم السبت، أن المحادثات بين الجمهوريين والديمقراطيين أخذت منحى إيجابياً، في محاولة لإنهاء الأزمة التي عطلت آلاف الموظفين وأثرت على قطاعات حيوية في البلاد.
وقال ثون، وهو عضو جمهوري من ولاية ساوث داكوتا، إن النقاشات بين الحزبين شهدت تقدماً خلال الساعات الأخيرة، مضيفاً أن هناك جهوداً لتقديم ثلاثة مشاريع قوانين لتمويل طويل الأجل لعدد من الوكالات الاتحادية، كخطوة أولية لتخفيف آثار الإغلاق الحكومي الأميركي المستمر.
تداعيات اقتصادية متزايدة ومشروعات مؤجلة

يأتي هذا بينما تستمر معاناة ملايين الموظفين الفيدراليين الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أسابيع. وأكد أعضاء في مجلس الشيوخ أن المقترحات الجديدة تتعلق بتمويل برامج الزراعة والتغذية والمشروعات العسكرية إلى جانب تمويل الكونغرس حتى نهاية العام المالي 2026، لكن يوم العمل انتهى دون اتفاق نهائي.
ويعتزم المجلس عقد جلسة نادرة اليوم الأحد لمحاولة التوصل إلى حل مؤقت يمنح المشرعين مزيداً من الوقت لإقرار مشاريع القوانين التسعة المتبقية لتشغيل الحكومة. ويشمل ذلك وكالات الأمن والدفاع والإسكان والصحة التي تأثرت مباشرة بـ الإغلاق الحكومي الأميركي.
أوروبا تتأثر.. روما تطالب بدفع أجور موظفيها

امتدت تداعيات الإغلاق الحكومي الأميركي إلى خارج حدود الولايات المتحدة، إذ أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية أن أكثر من 2000 موظف مدني يعملون في القواعد العسكرية الأميركية بإيطاليا لم يتقاضوا رواتبهم لشهر أكتوبر.
وأوضحت الوزارة أن هؤلاء العمال، ومعظمهم في قواعد أفيانو وفيتشنسا شمال شرق البلاد، يعملون بموجب عقود إيطالية، وأن روما تتواصل مع السلطات الأميركية لإيجاد حل عاجل.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن بلاده “تدعو واشنطن إلى التحرك بسرعة، بغض النظر عن موعد انتهاء الإغلاق الحكومي الأميركي”، مشيراً إلى أن التأخير في صرف الرواتب “يتعارض مع الالتزامات المتبادلة”.
أزمة النقل الجوي.. آلاف الرحلات ملغاة

من أبرز تداعيات الإغلاق الحكومي الأميركي أيضاً، تضرر قطاع الطيران المدني، إذ ألغت شركات الطيران 1330 رحلة خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن فرضت إدارة الطيران الاتحادية خفضاً تدريجياً للرحلات اليومية بنسبة 4% في 40 مطاراً رئيسياً.
وتتجه النسبة إلى الارتفاع لتصل إلى 10% بحلول منتصف نوفمبر، بسبب نقص عدد المراقبين الجويين الذين لم يتقاضوا أجورهم منذ أسابيع، ما يهدد بمزيد من الفوضى في حركة النقل الجوي.
تاريخ طويل من الإغلاقات.. وهذه الأطول

ويُعد هذا الإغلاق الحكومي الأميركي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، إذ تجاوز جميع الإغلاقات السابقة من حيث المدة والأثر الاقتصادي. وقد أدى إلى تجميد برامج المساعدات الغذائية وتعطيل المتنزهات الوطنية، إلى جانب توقف العديد من الخدمات الحكومية الحيوية.
تفاؤل حذر ومخاوف من مزيد من الشلل
رغم بوادر التفاهم بين الحزبين الكبيرين، إلا أن مصادر في مجلس الشيوخ تؤكد أن الخلافات لا تزال قائمة حول حجم الإنفاق وأولوياته. ومع اقتراب موسم الأعياد، يخشى المراقبون أن يؤدي استمرار الإغلاق الحكومي الأميركي إلى تباطؤ اقتصادي أوسع وارتفاع معدلات البطالة في بعض القطاعات.
تعرف المزيد: سعر الذهب الصومالي يقفز في تعاملات الجمعة وسط تقلب الأسواق
أزمة تُختبر فيها قدرة النظام الأميركي على التوازن
يضع الإغلاق الحكومي الأميركي مؤسسات الدولة في اختبار حقيقي بين صراع السياسة ومصلحة المواطنين. وبينما ينتظر ملايين الأميركيين عودة حياتهم إلى طبيعتها، يبقى الحل رهناً بتوافق الحزبين في مجلس الشيوخ على رؤية موحدة تُنهي الأزمة التي أنهكت الداخل الأميركي وامتدت آثارها إلى الخارج.
