تتواصل تداعيات الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان في مشهد يعكس حجم التوتر المتصاعد بين الطرفين. ففي خطوة اعتبرها مراقبون ردًا مباشرًا على حملات التشويه، أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانًا حاد النبرة نفت فيه بشكل قاطع ما وصفته بالاتهامات الزائفة الصادرة عن السلطة الموالية للحركة الإسلامية في السودان، ذراع جماعة الإخوان المسلمين. البيان لم يكتفِ بتفنيد المزاعم، بل أضاء على الدوافع السياسية الكامنة وراءها، كاشفًا أنها محاولة لإخفاء الإخفاقات الداخلية وصرف الأنظار عن الأزمات التي تعصف بالبلاد.
بيان إماراتي حاسم ورسالة مباشرة

حظي البيان الإماراتي باهتمام إعلامي واسع، وتناولته منصات دولية بارزة من بينها شبكة “سي إن إن”، حيث أكد بوضوح أن المزاعم التي تتهم أبوظبي بدعم جماعات مسلحة في النزاع السوداني تفتقر لأي أساس واقعي أو دليل موثق. ورأت الإمارات أن هذه الادعاءات ليست سوى جزء من حملة دعائية منظمة، هدفها صرف انتباه الشارع عن الجهة الحقيقية المسؤولة عن استمرار الحرب. ويأتي هذا الرد القوي في صميم الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان، في إشارة إلى إصرار أبوظبي على مواجهة خطاب التضليل الذي تروجه الحركة الإسلامية السودانية.
الحقائق الدولية تدعم الإمارات
عززت الإمارات موقفها بالإحالة إلى مراجع قانونية وتقارير دولية موثوقة، من بينها حكم صادر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، إضافة إلى التقرير الختامي لفريق الخبراء المعني بالسودان الصادر في أبريل 2025. وقد جاء كلا المصدرين خاليًا تمامًا من أي إشارة أو دليل يربط أبوظبي بدعم أطراف مسلحة في النزاع السوداني. هذا الاستشهاد بالأدلة الموثقة يعزز موقفها داخل الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان، ويضع خصومها في مواجهة مباشرة مع الحقائق التي لا يمكن إنكارها، حيث لم تعد المسألة مجرد تبادل اتهامات، بل صراع بين رواية مدعومة بالأدلة وأخرى قائمة على الدعاية السياسية.
سلطة بلا شرعية حقيقية

البيان الإماراتي وصف سلطة بورتسودان بأنها لا تمثل الحكومة الشرعية للسودان ولا تعكس إرادة شعبه، مشيرًا إلى أنها تعيش عزلة سياسية داخلية وخارجية.
ومن زاوية أوسع، تكشف هذه الإشارة أن الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان تتجاوز مجرد تبادل الاتهامات، إذ تضع تحت المجهر مسألة شرعية هذه السلطة وقدرتها الفعلية على إدارة شؤون البلاد وقيادتها نحو مسار سلام حقيقي ومستدام.
الإسلام السياسي وأساليب إلقاء اللوم المعتاد..
منذ انقلاب 1989، ارتبطت الحركة الإسلامية السودانية بمشروع الإخوان المسلمين الإقليمي، وحكمت السودان لعقود عبر تحالفات مع جماعات متطرفة وسياسات أدت إلى عزلة دولية خانقة. واليوم، وفي ظل الحرب الأهلية الأخيرة، تعيد هذه الحركة إنتاج أساليبها القديمة بإلقاء اللوم على الخارج، ما يزيد من تعقيد الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان.
البعد الإقليمي للصراع

تأتي الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان في إطار مشهد إقليمي أوسع، حيث تتداخل مع صراع استراتيجي بين رؤيتين متناقضتين: الأولى هي مشروع الدولة الوطنية الحديثة الذي تدعمه دول مثل الإمارات ومصر والسعودية، والثانية هي مشروع الإسلام السياسي العابر للحدود الذي تتبناه جماعة الإخوان وحلفاؤها في المنطقة.السودان أصبح ساحة اختبار جديدة لهذا الصراع، مع محاولة الحركة الإسلامية دفع البلاد نحو محور يخدم أجنداتها، مقابل جهود إقليمية ودولية تدفع نحو تسوية سياسية شاملة.
التحول من الدفاع إلى الهجوم
البيان الإماراتي الأخير تميز بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم، عبر تحميل سلطة بورتسودان مسؤولية إطالة أمد الحرب وعرقلة جهود السلام. هذه النبرة الهجومية تعكس ثقة أبوظبي في موقفها، وتكشف أن الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان لم تعد مجرد ردود على اتهامات، بل معركة لفضح الممارسات التي تقوض فرص الاستقرار.
الموقف الإمارات.. ثبات في السياسة الخارجية
الإمارات أكدت في بيانها أنها تدعم جميع المبادرات الإقليمية والدولية لإنهاء القتال، وحماية المدنيين، وتحقيق تسوية سياسية شاملة. هذا الموقف الثابت، الذي يتسق مع سياستها تجاه أزمات عربية أخرى، يعزز صورتها كداعم للاستقرار، حتى في ظل تصاعد الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان.
الرسالة إلى الداخل السوداني

تصريحات الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، عبر منصة “إكس”، جاءت لتؤكد أن الرد الإماراتي ليس مجرد موقف إعلامي، بل التزام سياسي حقيقي بالمشاركة في أي مسار ينهي الحرب.
في إطار الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان، تمثل هذه الرسالة إشارة إلى أن الإمارات لا تخاطب خصومها فقط، بل توجه رسالة أيضًا للشعب السوداني بأن أبوظبي تقف إلى جانب الاستقرار والسلام.
تعرف المزيد: الجيش السوداني يرتكب مجزرة النازحين قرب الأبيض .. ويفبرك قصة الطائرة الكولومبية للتغطية على جريمته
مستقبل مفتوح على احتمالين لا ثالث لهم .
وفي ظل اشتعال الحرب الأهلية، يظل مستقبل السودان معلقًا بين طريقين لا ثالث لهما: أن تختار سلطة بورتسودان الانخراط في مسار سياسي جاد يوقف نزيف الدم ويعيد الأمل بالاستقرار، أو أن تواصل سياسة الاتهامات والإنكار حتى تفقد البلاد ما تبقى من مقومات الدولة. وفي قلب هذا المشهد، تظل الأزمة الدبلوماسية بين الإمارات وسلطة بورتسودان مرآة لصراع أوسع بين مشاريع متناقضة في المنطقة، حيث تختبر الإرادات السياسية، وتحدد ملامح التوازنات الإقليمية في السنوات القادمة.