كشف تحقيق حديث نشره راديو السويد اليوم 1أكتوبر، أن اتفاق السويد والصومال الذي جرى في ديسمبر 2023 ربط بين تقديم المساعدات التنموية للصومال واستقبال مواطنيه الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل قسري من السويد. ووصفت مصادر مطلعة الخطوة بأنها تحمل مخاطر فساد واضحة، خاصة مع تحويل جزء من الأموال إلى مشاريع مرتبطة مباشرة بمكتب رئيس الوزراء الصومالي.
ويشير مؤشر الفساد العالمي إلى أن الصومال يحتل حاليًا المرتبة قبل الأخيرة، مما يزيد المخاوف بشأن إدارة الأموال. وقال ويلو عبدولي عثمان، المختص بشؤون العودة في الصومال، إن “خطر سوء استخدام المساعدات واضح للغاية لمن عملوا في هذا المجال.
السياسة الخارجية والسويد: ربط المساعدات بسياسة الهجرة

قررت الحكومة السويدية، وفق تصريحات وزير المساعدات بنيامين دوسا، ربط المساعدات بسياسة الهجرة لتعزيز وتيرة إعادة المرفوضة طلبات لجوئهم. وتتحمل سفارات السويد وهيئة التعاون الإنمائي الدولية (سيدا) مسؤولية تنفيذ برامج المساعدات، بينما أشارت سيدا إلى أن تحويل الأموال عبر مشروع الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) تم بتوجيه من الحكومة.
يعكس هذا الإجراء نهج السويد في استخدام اتفاق السويد والصومال كأداة ضغط دبلوماسي لضمان تعاون الصومال في استقبال المرحلين، وهو ما يثير تساؤلات حول حدود تدخل المساعدات التنموية في السياسات الداخلية لدول أخرى.
الفساد وإدارة الأموال: تهديدات واضحة

تضمن اتفاق السويد والصومال تحويل جزء من المساعدات إلى صندوق مرتبط بالبنك الدولي، وجزء آخر إلى مشروع تديره الأمم المتحدة، لكنه مرتبط بمكتب رئيس الوزراء الصومالي. هذا الأمر أدى إلى خلافات داخل السويد وبين الجهات المسؤولة عن تقديم الدعم، إذ رفضت سيدا دفع الأموال لصندوق يُعتقد أنه متصل مباشرة بمكتب رئيس الوزراء.
توضح هذه الخطوة المخاطر المحتملة لسوء إدارة الأموال، خصوصًا في دولة تحتل مراتب متدنية على مؤشر الفساد العالمي، مما يجعل الشفافية وإشراف الجهات الدولية أمراً ضرورياً لضمان استغلال المساعدات بالشكل الصحيح.
الأبعاد الإنسانية: أثر إعادة المرحلين
يطرح اتفاق السويد والصومال تساؤلات حول تأثيره على الصوماليين المقيمين في السويد، خصوصًا من رفضت طلبات لجوئهم. إعادة المرحلين قد تواجه تحديات اجتماعية وقانونية، وتؤثر على حقوق الأفراد في التمتع بالحماية الدولية، كما تزيد من الضغط على الصومال لاستيعاب هؤلاء المواطنين في ظل محدودية الموارد والخدمات الأساسية.
ردود الفعل والصراعات: خلافات داخلية وخارجية
أدى اتفاق السويد والصومال إلى نشوء خلافات بين الحكومة السويدية وسيدا، إضافة إلى اعتراضات داخل الصومال حول الجهة المستفيدة من الأموال. العملية أظهرت التوتر بين مصالح السياسة الخارجية والالتزام بالقوانين الدولية للشفافية ومكافحة الفساد، وهو ما يعكس صعوبة المزج بين الأهداف التنموية والسياسات الهجرية.
الأمثلة الدولية: سياق عالمي
تشبه خطوة السويد تجارب دول أخرى، مثل وألمانيا والنمسا، التي ربطت سابقًا المساعدات أو التعاون الدولي بالسياسات المتعلقة باللاجئين والمهاجرين. هذا السياق يوضح أن استخدام المساعدات كأداة ضغط دبلوماسي أصبح ممارسة شائعة، لكنه يثير دائمًا تساؤلات أخلاقية وقانونية حول أولويات التنمية وحقوق الإنسان.
تعرف المزيد: دعم المملكة المتحدة للصومال: تمويل جديد يعزز الأمن والاستقرار في 2025
يبقى اتفاق السويد والصومال نموذجًا معقدًا يجمع بين السياسة الخارجية، الهجرة، التنمية، ومخاطر الفساد. الشفافية والمراقبة الدولية ضرورية لضمان أن تظل المساعدات التنموية أداة لتحقيق التنمية الفعلية، لا وسيلة للضغط السياسي أو استغلال الموارد.