في خطوة تعكس تحولًا استراتيجيًا في سياسات التشغيل الخارجي، أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية والمملكة العربية السعودية عن توسيع شراكتهما في إطار اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية، بهدف توفير فرص عمل قانونية للصوماليين وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
عُقد اجتماع رفيع المستوى يوم الإثنين في العاصمة السعودية الرياض، ضم وزير العمل والشؤون الاجتماعية الصومالي، يوسف محمد عدن، ونائب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة، الدكتور عبد الله بن ناصر أبوثنين. وشكّل اللقاء خطوة عملية لتفعيل اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية، التي وُقّعت مؤخرًا وتهدف إلى تسهيل الهجرة القانونية وتنظيم توظيف الصوماليين في الأسواق السعودية.
أجمع الطرفان على ضرورة الإسراع بتنفيذ الاتفاقية بشكل فعّال، من خلال فتح مسارات آمنة ومنظمة للتوظيف الخارجي، مع التركيز على ضمان كرامة العمال الصوماليين وحقوقهم. وتوقّع الجانبان أن تسهم الاتفاقية في تقليص نسب البطالة، لا سيما بين الشباب، وربط الموارد البشرية الصومالية بالفرص المتاحة في الأسواق الخليجية.
وصرّح الوزير يوسف قائلًا:
“نحن ملتزمون تمامًا بتمكين شبابنا من الوصول إلى وظائف قانونية في الخارج. اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية تمثل نقلة نوعية نحو تحقيق هذا الهدف وخلق مستقبل أفضل لعمالنا”.
رؤية استراتيجية لسوق عمل منتج
أكد وزير العمل الصومالي أن هذه الاتفاقية جزء من رؤية شاملة طويلة الأمد تسعى لبناء نظام عمل مرن ومتين، قائم على الاستثمار في رأس المال البشري. وأوضح أن الحكومة الصومالية تعمل على تطوير مهارات الشباب من خلال برامج التدريب، وتهيئتهم للانخراط في أسواق العمل الإقليمية والدولية.
وأشار إلى أن اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية لا تقتصر على تصدير العمالة، بل تتعدى ذلك إلى بناء شراكات استراتيجية تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
دعم سعودي للتعاون والتوظيف الآمن
من جهته، عبّر نائب الوزير السعودي، الدكتور أبوثنين، عن دعم بلاده الكامل لتفعيل الاتفاقية، مؤكدًا التزام المملكة بخلق بيئة آمنة وعادلة للعمال الصوماليين. وأكد حرص السعودية على ضمان حقوق العمال وتوفير فرص متوازنة لتبادل الخبرات وتنمية المهارات.
وأضاف أن اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية ستكون نموذجًا ناجحًا للتعاون الثنائي في مجال تنمية القوى العاملة، وستفتح الباب أمام مزيد من الاتفاقات مع دول أخرى في المستقبل.
خطوة نحو تنمية مستدامة
الاتفاقية تعكس رؤية الصومال لبناء شراكات إقليمية قوية ترتكز على التشغيل الكريم، ومكافحة البطالة، وتحقيق الأمن الاجتماعي. وتسعى وزارة العمل الصومالية إلى توسيع قاعدة التعاون الثنائي من خلال فتح قنوات مع دول جديدة، وضمان تأهيل العمالة محليًا قبل تصديرها.
ومن المتوقع أن تشمل المرحلة المقبلة إطلاق برامج تدريبية رسمية، ووضع أطر قانونية تحمي حقوق العمال الصوماليين في الخارج، بالتوازي مع تطوير آليات الإشراف والمتابعة.
الأثر الاجتماعي للاتفاقية
قال الوزير يوسف:
“الأمر لا يقتصر على خلق وظائف فقط، بل يتعلق بإعادة الكرامة، وبث الأمل، وإطلاق إمكانيات الشباب الصومالي. اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية تمثل لبنة أساسية في هذا المسار”.
وتُعد الاتفاقية جزءًا من خطة شاملة تنتهجها الحكومة الصومالية لتعزيز التنمية عبر التوظيف، وتُظهر كيف يمكن للعلاقات الثنائية أن تترجم إلى فرص ملموسة للفئات المهمشة والباحثين عن عمل.
وفي هذا السياق، شدّد وزير العمل الصومالي يوسف محمد عدن على أهمية مواءمة سياسات التشغيل المحلية مع المعايير الدولية، مشيرًا إلى أن اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية ليست فقط فرصة لتشغيل العاطلين، بل خطوة استراتيجية نحو بناء نظام عمل منظم يربط المهارات الصومالية باحتياجات الأسواق الخارجية. وأضاف أن الوزارة بصدد إعداد قاعدة بيانات وطنية للكوادر القابلة للتوظيف، تكون جاهزة للاستجابة للفرص الدولية.
من جانبها، رحّبت مؤسسات القطاع الخاص الصومالي بهذه الاتفاقية، واعتبرتها بوابة جديدة لدفع عجلة التنمية المحلية عبر تقليل نسب البطالة، وتحويلات مالية من المغتربين تسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني. وأعربت منظمات المجتمع المدني عن أملها في أن تتبع اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى، في إطار سياسة خارجية نشطة تهدف إلى توسيع فرص العمل وتحقيق الحماية الاجتماعية.
في ظل تحديات اقتصادية محلية، جاءت اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية كمنفذ مهم للآلاف من الشباب الباحثين عن فرص أفضل. وتمثل هذه الخطوة نموذجًا للتعاون الإيجابي الذي يمكن أن يغيّر حياة الأفراد، ويعزز التنمية الوطنية، ويسهم في تقوية العلاقات بين الشعوب.
ومع استمرار التفاعل والتنسيق بين الطرفين، يبقى الرهان الأكبر على تحويل اتفاقية اتفاقية العمل بين الصومال والسعودية إلى نتائج ملموسة تعود بالنفع على الاقتصاد الصومالي وتفتح آفاقًا واعدة لجيل جديد من العمال المهرة.
تعرف المزيد على: جهود المجلس الاستشاري الوطني لإنهاء أزمة الانتخابات في الصومال