في تحول عسكري لافت، وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر على تنفيذ خطة السيطرة الكاملة على غزة، رغم التحذيرات الدولية والمخاوف من التصعيد. فماذا تتضمن هذه الخطة؟ وما مصير سكان القطاع؟
الكابينت يوافق على خطة
أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت) أقر خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الهادفة إلى فرض السيطرة الكاملة على غزة.
وجاءت هذه الموافقة بعد أكثر من عشر ساعات من النقاشات المتواصلة، رغم التحذيرات التي أطلقها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي من التداعيات المحتملة لتنفيذ الخطة على الأرض.
تفاصيل خطة “السيطرة الكاملة على غزة”
الخطة التي وافق عليها الكابينت تمنح الجيش الإسرائيلي الضوء الأخضر للتحرك باتجاه فرض السيطرة الكاملة على غزة من الناحية العسكرية.
وحسب ما نقلته مصادر مطلعة، فإن تنفيذ الخطة سيكون تدريجيًا ويتضمن ثلاث مراحل رئيسية:
- أولًا: دعوة السكان في المناطق المستهدفة للتحرك نحو الجنوب.
- ثانيًا: فرض طوق أمني محكم على مدينة غزة.
- ثالثًا: تنفيذ اقتحامات عسكرية مكثفة داخل التجمعات السكنية، مع التركيز على المواقع التي يعتقد أنها تحتوي على رهائن.
وتُظهر الوثائق المسربة أن خطة السيطرة الكاملة على غزة تشمل نشر عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين، وتركيز الجهود على المخيمات وسط القطاع ومحيط مدينة غزة، تمهيدًا لتفكيك ما تبقى من البنية العسكرية لحركة حماس.
موقف نتنياهو: لا نريد حكم غزة.. بل نريد تدميرها وكسر شوكة حماس.
في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لا تسعى إلى حكم غزة بعد تنفيذ الخطة، وإنما تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:
- القضاء على حركة حماس كقوة عسكرية وحاكمة.
- تأمين الإفراج عن الرهائن.
- ضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لإسرائيل مستقبلًا.
وأوضح أن الطريق طويل لكننا نسير في الاتجاه الصحيح، في إشارة إلى التقدم المرحلي في تطبيق خطة السيطرة الكاملة على غزة.
تداعيات إنسانية كارثية مرتقبة
من جهتها، عبرت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء الخطة، مؤكدة أن أي توسيع للعملية العسكرية في غزة قد يفضي إلى تداعيات إنسانية كارثية، خاصة وأن أكثر من 87% من أراضي القطاع إما واقعة تحت السيطرة الإسرائيلية أو صادرة فيها أوامر إخلاء.
ويواجه سكان القطاع أوضاعًا إنسانية مأساوية، مع تدهور في الخدمات الصحية، وندرة في الغذاء، وارتفاع غير مسبوق في أعداد القتلى، حيث تجاوز عدد الضحايا 60 ألفًا منذ بدء الحرب، وفق تقديرات فلسطينية.
من الانسحاب إلى الحصار… ثم “السيطرة الكاملة”
تأتي خطة السيطرة الكاملة على غزة بعد نحو 20 عامًا من انسحاب إسرائيل من القطاع في إطار “خطة فك الارتباط” عام 2005.
لكن رغم الانسحاب العسكري والمستوطناتي، احتفظت إسرائيل بسيطرتها على المعابر والمجال الجوي والبحري، ما جعل القطاع فعليًا في حالة حصار دائم.
ويقطن في قطاع غزة أكثر من 2.1 مليون نسمة، أغلبهم من اللاجئين الذين هجروا من ديارهم عام 1948. وهو ما يجعل القطاع من أكثر مناطق العالم اكتظاظًا بالسكان، مع بنية تحتية متهالكة وتدهور اقتصادي مستمر منذ سنوات.
هل يمكن تنفيذ خطة السيطرة الكاملة على غزة فعلًا؟
بحسب تقديرات محللين، فإن تنفيذ خطة السيطرة الكاملة على غزة على الأرض لن يكون أمرًا سهلًا، إذ تعيقه عدة تحديات أبرزها الاكتظاظ السكاني الشديد، ومخاوف من وجود رهائن وسط المدنيين، إلى جانب ما قد يترتب على ذلك من خسائر بشرية فادحة وتبعات سياسية معقدة.
كما تخشى الدوائر الدولية من أن تنفيذ الخطة سيعيد الوضع في غزة إلى ما قبل 2005، أي ما يشبه الاحتلال المباشر، بما يتناقض مع القانون الدولي الإنساني، خاصة إذا رافق ذلك منع السكان من العودة إلى منازلهم أو فرض ترتيبات أمنية دائمة.
ردود دولية بدون قيمة حتى الآن
رغم التحذيرات الأممية، لم يصدر حتى الآن موقف حازم من الدول الكبرى بشأن خطة السيطرة الكاملة على غزة. ويُرجح أن تستمر إسرائيل في تنفيذ خطواتها تدريجيًا، ما لم تحدث ضغوط دولية حقيقية، أو انهيار إنساني شامل يدفع المجتمع الدولي إلى التدخل بشكل فاعل.
تعرف المزيد: ترامب يعلق على اعتزام إسرائيل احتلال قطاع غزة بأكمله: أمر يخصها وحدها
غزة ..ومستقبلها..
إن إقرار خطة السيطرة الكاملة على غزة يُعد تحولًا جذريًا في مسار الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023.
لكن هذا التحول يفتح الباب أمام مرحلة أكثر تعقيدًا من الحرب، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا إنسانيًا وسياسيًا. وهكذا، يبدو أن مستقبل غزة بات مرتهنًا بقرارات عسكرية بحتة، تغيب عنها حتى الآن أي رؤية واضحة لمصير أكثر من مليوني مدني يواجهون الموت أو التهجير وسط مشهد من الدمار المتواصل.