في خضم الاضطرابات الاقتصادية العالمية والتقلبات الحادة في الأسواق، تعود أسعار الذهب 2025 لتتصدر المشهد كخيار آمن وموثوق للمستثمرين الباحثين عن الحماية وسط العواصف. ومن الولايات المتحدة تحديدًا، ينبعث دخان الضبابية الاقتصادية الكثيف، ليغذي توقعات صعود المعدن الأصفر في ظل تنامي المخاطر المرتبطة بالتضخم والسياسات التجارية المتقلبة، خاصة مع عودة خطاب الرئيس السابق دونالد ترامب الحمائي إلى الساحة.
تحول مفاجئ في النظرة المستقبلية
شهدت توقعات المؤسسات المالية الكبرى تحولًا نوعيًا في تقييمها لـأسعار الذهب 2025خلال الفترة الأخيرة. بعد أشهر من الحذر والترقب، أقدمت مؤسسات مثل “سيتي غروب” و”غولدمان ساكس” على تعديل توقعاتها باتجاه صاعد، مستندة إلى عدة عوامل تقف على رأسها هشاشة الاقتصاد الأميركي وتزايد الإشارات إلى احتمال خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
وفي مذكرة حديثة، أشار محللو “سيتي” إلى أن أسعار الذهب 2025، قد تصل إلى مستويات غير مسبوقة، متوقعين تراوحها بين 3300 و3600 دولار للأونصة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وذلك مقارنة بتوقعات سابقة لم تتجاوز سقف 3000 دولار.
رسوم ترامب: تُغذي التضخم
من بين أبرز المحركات الجديدة التي تدفع أسعار الذهب 2025 إلى الارتفاع، تبرز السياسة التجارية التي يتبناها دونالد ترامب، والتي باتت تمثل مصدر قلق حقيقي للمستثمرين. فإعادة فرض رسوم جمركية شاملة على دول مثل كندا والبرازيل والهند وتايوان أثارت مخاوف من انفجار حرب تجارية جديدة. تلك الرسوم، التي تتجاوز نسبتها 15% في بعض الحالات، لا ترفع فقط كلفة الاستيراد، بل تؤجج التضخم الداخلي وتضعف الثقة في استقرار الأسواق.
ويُجمع عدد من الخبراء على أن هذه التطورات من شأنها أن تعزز جاذبية الذهب كوسيلة للتحوط، في وقت تتقلص فيه البدائل الآمنة أمام المستثمرين.
الاحتياطي الفيدرالي في ورطة
تُضاف إلى هذه العوامل توقعات متزايدة بأن يلجأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، ربما بداية من سبتمبر، في ضوء بيانات سوق العمل الضعيفة. خفض الفائدة ينعكس سلبًا على قوة الدولار، ويزيد من إغراء الاستثمار في الذهب، الذي لا يدر فوائد لكنه يحتفظ بقيمته في بيئات الفائدة المنخفضة.
وفي هذا السياق، قال بوب هابركورن، كبير استراتيجيي السوق في “آر.جيه.أو. فيوتشرز”، إن بدء الفيدرالي الأميركي في خفض الفائدة سيشكل دفعة قوية جديدة لـأسعار الذهب 2025، ويجعلها مرشحة لمزيد من المكاسب خلال النصف الثاني من العام.
المخاطر الجيوسياسية تعزز مكانة الذهب
إلى جانب الاضطرابات الاقتصادية، لا يمكن تجاهل التوترات السياسية العالمية التي تساهم في دفع أسعار الذهب 2025 نحو الأعلى. من الحرب المستمرة في أوكرانيا إلى التوترات الآسيوية وتقلب العلاقات الدولية، تتعاظم الحاجة إلى الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب. وتُعد هذه الأزمات المتراكمة بيئة مثالية لازدهار الاستثمار في الأصول المحمية من الصدمات السياسية والاقتصادية.
ارتفاع غير مسبوق في الطلب العالمي على الذهب
تشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن إجمالي الطلب على الذهب ارتفع بنسبة 3% في الربع الثاني من عام 2025، ليصل إلى 1,249 طنًا. أما من حيث القيمة، فقد قفز الطلب بنسبة 45% ليبلغ نحو 132 مليار دولار أميركي، مدفوعًا بالطلب القوي من صناديق الاستثمار المتداولة والبنوك المركزية.
وتؤكد هذه الأرقام أن السوق يشهد حالة انتعاش واسعة في الطلب على الذهب، الأمر الذي يرسخ من توقعات استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال الفصول المقبلة.
خبراء يحذرون من تآكل ثقة المستثمرين في الدولار الأميركي
في تصريحاتها لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أكدت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، أن الأسواق تشهد فقدانًا تدريجيًا للثقة في مستقبل الدولار الأميركي، وهو ما يدفع المستثمرين نحو الذهب. وقالت: “عندما تغيب الرؤية الاقتصادية وتتصاعد الرسوم الجمركية وتضعف المؤسسات، فإن المستثمرين يتوجهون تلقائيًا إلى الذهب. أسعار الذهب 2025 ستواصل الارتفاع ما دام الغموض يلف المشهد الاقتصادي الأميركي”.
هل يتجاوز الذهب حاجز 3700 دولار قبل نهاية 2025؟
في ظل كل هذه المؤشرات، لا يبدو من المستبعد أن يكسر الذهب سقف التوقعات خلال الأشهر المقبلة. خبراء مثل طارق الرفاعي، المدير التنفيذي لمركز كوروم للدراسات، يؤكدون أن السوق تتجه نحو تسجيل مستويات قياسية جديدة، بفعل تراجع مصداقية المؤسسات الأميركية، وتصاعد التوترات التجارية، واستمرار هشاشة بيانات الاقتصاد.
ومع استمرار تراجع الدولار، وتوجه المستثمرين إلى الذهب كخيار دفاعي، فإن أسعار الذهب 2025 قد تتجاوز حاجز 3700 دولار للأونصة قبل نهاية العام، في حال لم تتغير المؤشرات الاقتصادية الأميركية بشكل جذري.
تعرف المزيد: القرصنة قبالة السواحل الصومالية 2025: من خفر سواحل شعبي إلى أزمة تهدد التجارة العالمية
الذهب في قلب العاصفة… والمستقبل مرهون بالسياسة
بين مؤشرات التضخم، وتراجع النمو، وتقلب السياسة التجارية، يبقى الذهب في مقدمة الخيارات الاستثمارية خلال 2025. وبفضل قدرته على الصمود أمام العواصف، تُثبت أسعار الذهب 2025 أنها ليست مجرد رقم في شريط الأسواق، بل مرآة لثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد العالمي، وتحديدًا الأميركي.