في وقتٍ بالغ الحساسية بالنسبة لمستقبل الأمن في الصومال، ظهرت أزمة جديدة تهدد مصير العمليات الدولية في البلاد. بينما كان المجتمع الدولي يترقب موقف واشنطن من خطة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة، جاء الرد الأمريكي رافضاً ودون تقديم مبررات واضحة. هذا الرفض يعيد إلى الواجهة تساؤلات حول التزام القوى الكبرى باستقرار المنطقة، ويضع الأمم المتحدة في موقف حرج.
الولايات المتحدة تعلن رفضها خطة الأمم المتحدة دون توضيحات
كشفت الولايات المتحدة، بشكل علني ولأول مرة، عن رفضها خطة الأمم المتحدة الخاصة بتمويل بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة في الصومال، والمعروفة اختصاراً باسم AUSSOM. هذا الموقف الأمريكي يأتي بعد فترة من الصمت الرسمي حيال الخطة، حيث لم تصدر واشنطن أي تعليق رسمي منذ طرح الأمم المتحدة مقترحها.
وقد أثار هذا الرفض المفاجئ حالة من القلق في أوساط المجتمع الدولي، خاصة أن الخطة ترتبط بمستقبل العملية الأمنية المعقدة في الصومال، والتي تعتمد بشكل كبير على الدعم الدولي، لا سيما من الولايات المتحدة، باعتبارها من أبرز الممولين التقليديين لبعثات حفظ السلام.
تحذيرات من الأمم المتحدة بشأن تداعيات نقص التمويل
في تقرير رسمي قُدم إلى مجلس الأمن الدولي في 10 أبريل الجاري، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه الشديد إزاء نقص التمويل، محذراً من أن هذا العجز يمثل تهديداً مباشراً لمهمة AUSSOM في الصومال.
وأكد غوتيريش أن العملية الحالية لا يمكن أن تستمر بنجاح في ظل غياب الدعم المالي الكافي، مشدداً على أن التمويل أمر “ضروري لتحقيق السلام والاستقرار في الصومال”. ودعا المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الأعضاء الرئيسية في مجلس الأمن، إلى دعم الخطة المالية المقترحة.
تأتي بعثة AUSSOM كخليفة لبعثة الاتحاد الأفريقي السابقة، وهي مصممة لتقديم دعم أمني انتقالي لحكومة الصومال، التي ما زالت تكافح لمواجهة التهديدات المستمرة من حركة الشباب المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وتواجه البعثة الجديدة تحديات كبيرة، على رأسها محدودية الموارد المالية، في وقت يتزايد فيه النشاط الإرهابي في وسط وجنوب الصومال، ما يجعل من دعم المجتمع الدولي أمراً حتمياً لإنجاح مهمتها.
ما وراء الموقف الأمريكي؟
في الوقت الذي لم تُفصح فيه واشنطن عن دوافع قرارها، يرى مراقبون أن الرفض الأمريكي قد يكون مرتبطاً برؤية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه تقليص الالتزامات الخارجية، أو ربما بسبب الرغبة في إعادة صياغة شروط الدعم والتدخل في أفريقيا.
وقد يؤدي هذا الموقف إلى إرباك جهود الأمم المتحدة، خاصة في ظل غياب بدائل حقيقية للتمويل، ووجود مخاوف من أن يؤدي سحب الدعم إلى فراغ أمني قد تستغله الجماعات المسلحة لتوسيع نفوذها.
إن رفض الولايات المتحدة لتمويل بعثة AUSSOM يمثل تحدياً مباشراً أمام قدرة المجتمع الدولي على دعم الصومال في معركته ضد الإرهاب وإعادة بناء مؤسسات الدولة. ومع تحذيرات الأمم المتحدة من خطورة نقص التمويل، يصبح من الضروري إعادة النظر في الأولويات الدولية، وتأكيد الالتزام بمسؤولية جماعية تجاه استقرار المنطقة.
في حال استمر الغموض وغياب التمويل، فإن الصومال، ومعه القرن الأفريقي بأكمله، قد يواجهان انتكاسات أمنية تهدد عقدين من الجهود الدولية، وتعيد البلاد إلى دائرة العنف وعدم الاستقرار من جديد.
تعرف المزيد على: غارة جوية تُنقذ قرى شبيلي الوسطى من خطر محتوم ينتج عنها مقتل 12 إرهابياً