في خطوة تاريخية نحو ترسيخ الديمقراطية، تشهد العاصمة الصومالية مقديشو توسعًا ملحوظًا في عملية تسجيل الناخبين في مقديشو، استعدادًا لأول انتخابات محلية تُجرى بنظام “شخص واحد، صوت واحد” منذ أكثر من خمسة عقود.
توسّع عملية تسجيل الناخبين في مقديشو:
انضمت ست مديريات جديدة إلى عملية تسجيل الناخبين في مقديشو، وهي: هدن، هول واداغ، كاران، ياقشيد، ورتا نبدا، وهيلوا. بهذا التوسع، يرتفع عدد المديريات المشاركة في العملية إلى 13 من أصل 20 مديرية في إقليم بنادر، مما يعكس تصاعد زخم الاستعدادات للانتخابات المحلية المقررة في يونيو المقبل.
شهدت مراكز التسجيل في المديريات الجديدة إقبالًا كبيرًا من المواطنين، الذين توافدوا منذ ساعات الصباح الباكر لتسجيل أسمائهم. وقد أعرب رؤساء المديريات عن ترحيبهم بالمشاركة الفاعلة، مؤكدين أن هذه الخطوة تمثل تقدمًا مهمًا نحو ترسيخ مبدأ الديمقراطية التشاركية في البلاد.
تحسن المناخ السياسي والأمني:
يرى مراقبون أن استمرار تسجيل الناخبين في مقديشو يدل على تحسن نسبي في المناخ السياسي والأمني، مما يتيح فرصة لإعادة بناء مؤسسات الحكم المحلي التي غابت طويلًا عن المشهد السياسي الصومالي.
تحديات سياسية قائمة:
رغم التطورات الإيجابية، تظل التحديات السياسية قائمة، حيث تشهد الساحة السياسية خلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتَي جوبالاند وبونتلاند، بالإضافة إلى تحفظات من بعض أطراف المعارضة بشأن ترتيبات تنظيم الانتخابات وآلياتها الإجرائية. ويخشى مراقبون أن تؤدي هذه الخلافات، إذا لم تُحل عبر حوار سياسي شامل، إلى تعثر العملية الانتخابية أو التشكيك في نزاهتها.
دور المفوضية المستقلة للانتخابات:
تلعب المفوضية الوطنية المستقلة للانتخابات دورًا محوريًا في تنسيق عملية تسجيل الناخبين في مقديشو، حيث سخّرت إمكانياتها التقنية والبشرية لضمان سير العملية بسلاسة وكفاءة. وقد قامت المفوضية بتدريب مئات الموظفين وتوزيعهم على مراكز التسجيل في المديريات المستهدفة، مع توفير المعدات الإلكترونية لضبط البيانات، بهدف تقليل الأخطاء وتعزيز الشفافية. وتؤكد المفوضية أن قاعدة البيانات التي تُبنى حاليًا ستُشكّل الأساس لأي انتخابات مستقبلية سواء على المستوى المحلي أو الوطني.
تعزيز ثقة المواطن بالدولة:
تشير مؤشرات الإقبال إلى تسجيل الناخبين في مقديشو أن المواطنين باتوا يشعرون بثقة أكبر تجاه مؤسسات الدولة، خاصة في ظل محاولات الحكومة إرساء مبدأ الشفافية والمساءلة في العمل الانتخابي. هذه الثقة تمثّل تحولًا نفسيًا مهمًا بعد عقود من انعدام الاستقرار السياسي والأمني. ويرى بعض المحللين أن مشاركة الفئات الشبابية والنساء في تسجيل الناخبين هي مؤشر إيجابي على وعي مجتمعي متزايد بأهمية المشاركة في صناعة القرار السياسي المحلي.
فيما تتواصل عملية التسجيل، بدأت بعض الدوائر الانتخابية تحضير البنية التحتية لمرحلة الاقتراع، عبر تحديد مواقع مراكز التصويت وتجهيز صناديق الاقتراع. كما أطلقت حملات توعوية عبر الإذاعات المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي لتعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم الانتخابية. ويُتوقع أن تعلن المفوضية قريبًا الجدول الزمني النهائي لمراحل الانتخابات، بما في ذلك يوم الاقتراع والإجراءات المتبعة لضمان نزاهته.
رهانات المجتمع الدولي:
يحظى هذا المسار الانتخابي باهتمام ورهان من المجتمع الدولي، حيث ترى العديد من الدول المانحة والمنظمات الدولية أن نجاح هذه الانتخابات سيمثّل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الصومال على إدارة عملية ديمقراطية نزيهة. وقد تعهّدت عدة جهات بتقديم دعم مالي وفني لضمان سلامة العملية، مشيرة إلى أن تسجيل الناخبين يُعتبر حجر الأساس لأي تحول ديمقراطي مستدام يُمكن أن يقود البلاد إلى مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي وبناء المؤسسات.
مع اتساع رقعة تسجيل الناخبين يومًا بعد يوم، تبقى أنظار الصوماليين معلقة على قدرة الأطراف السياسية على تجاوز خلافاتها، بما يضمن أن تكون الانتخابات المقبلة خطوة حقيقية نحو الاستقرار السياسي والديمقراطي، لا مجرد استحقاق شكلي في بيئة لا تزال هشة.
تعرف المزيد على: الصومال يوسّع خارطة تحالفاته: عودة العلاقات الصومالية الروسية