في الوقت الذي تشتد فيه كوارث المناخ وتُحاصر المجتمعات الهشة في إفريقيا، يعود شبح الفيضانات ليضرب من جديد في الصومال، ويُطلق إنذارًا جديدًا للعالم بشأن تصاعد التغيرات المناخية وتأثيرها على المدنيين الأبرياء. لكن ما مدى خطورة الكارثة الحالية؟ وما هو مستقبل الأوضاع الإنسانية في ظل تراجع تمويل الإغاثة عن فيضانات الصومال؟
بحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بتاريخ 13 مايو 2025، فإن فيضانات الصومال الأخيرة تسببت في مقتل ما لا يقل عن 17 شخصًا، وتضرر أكثر من 84,000 شخص في عدد من المناطق الواقعة جنوب ووسط البلاد. وتزامن هذا الوضع الإنساني الحرج مع تحذيرات رسمية من خبراء الأرصاد الجوية بشأن احتمال هطول أمطار غزيرة إضافية في الأيام المقبلة.
تمثل فيضانات الصومال جزءًا من سلسلة طويلة من الكوارث المناخية التي تضرب منطقة القرن الإفريقي، والتي تُعد من أكثر مناطق العالم هشاشة وتعرضًا لتغيرات الطقس المتطرفة. حيث أدى تسارع وتيرة الظواهر المناخية مثل الجفاف والفيضانات إلى مضاعفة المعاناة الإنسانية، لاسيما في بلد يعاني أصلًا من هشاشة البنية التحتية والفقر المزمن والنزاعات المسلحة.
وفي هذا السياق، أوضحت تقارير أممية أن موسم الأمطار الحالي، الذي بدأ في منتصف أبريل، أدى إلى فيضانات مفاجئة في عدة ولايات صومالية، ما تسبب في خسائر بشرية ومادية، إلى جانب نزوح مئات الأسر وفقدان مصادر الرزق والزراعة.
التمويل الإنساني: أزمة موازية تهدد جهود الإغاثة
فيضانات الصومال واحدة من أخطر التحديات التي تواجه منظمات الإغاثة العاملة في الصومال حاليًا، كما أشار تقرير أوتشا، هي أزمة التمويل. حيث تعاني العديد من المنظمات من نقص حاد في الموارد، ما يُعيق قدرتها على الاستجابة السريعة والفعالة للاحتياجات الطارئة في المناطق المنكوبة. فبدون دعم مالي كافٍ، تبقى العائلات المتضررة عرضة للجوع والمرض والتشرد، في بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
فيضانات الصومال متكررة ونداءات عاجلة
تُعد فيضانات 2025 حلقة جديدة من سلسلة كوارث طبيعية طالت البلاد، حيث شهدت الصومال في عام 2023 فيضانات كبرى أودت بحياة أكثر من 100 شخص، وتسببت في نزوح أكثر من مليون مواطن. هذه الكوارث، التي أصبحت أكثر تكرارًا وشدة، تؤكد الحاجة الملحة إلى خطط طوارئ وطنية، وتعزيز الشراكات الدولية لمساعدة الصومال على التكيّف مع التغيرات المناخية.
منذ منتصف أبريل 2025، شهدت الصومال فيضانات مدمرة أسفرت عن مصرع 17 شخصًا على الأقل، وتسببت في تشريد أكثر من 84,000 شخص في مناطق متعددة من البلاد.
في العاصمة مقديشو، لقي 7 أشخاص حتفهم، بينهم امرأتان وطفلان، وتم تدمير 9 منازل بالكامل، بالإضافة إلى تضرر 6 طرق رئيسية تُعد حيوية لحركة النقل والسكان في المدينة.
تُبرز هذه الأرقام حجم الكارثة الإنسانية التي تواجهها الصومال، وتُسلط الضوء على الحاجة الملحة لتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين. إن استمرار هطول الأمطار وزيادة عدد المشردين يُنذر بتفاقم الوضع، مما يستدعي تحركًا سريعًا من المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم في مجالات الإغاثة والإيواء وإعادة البناء.
لماذا تُعد فيضانات الصومال ناقوس خطر عالمي؟
إن استمرار فيضانات الصومال بهذا النطاق والحدة لا يمثل أزمة محلية فحسب، بل هو جرس إنذار عالمي بشأن التداعيات الملموسة لتغير المناخ على الدول النامية. وتكمن الخطورة في أن هذه الكوارث تضرب مناطق غير مستعدة من حيث البنية التحتية، مما يؤدي إلى مضاعفة الخسائر البشرية والاقتصادية. كما أن ارتباط الظواهر المناخية المتطرفة مثل الأمطار الغزيرة بظواهر مناخية كبرى كـ “النينو”، يزيد من تعقيد التنبؤ بالمخاطر المستقبلية. لذا، فإن الحل لا يكمن فقط في الإغاثة الطارئة، بل في دعم مشاريع التكيف البيئي، وتحقيق عدالة مناخية تضمن للدول الأفقر موارد لمواجهة هذه الأزمات المتكررة.
هل يتدارك العالم المأساة قبل أن تتحول إلى كارثة إنسانية مفتوحة؟
رغم خطورة الوضع، لا تزال الاستجابة الدولية محدودة. وبينما تواصل الأمطار هطولها، تزداد المخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية في جنوب ووسط الصومال. ويبقى السؤال معلقًا: هل يلتفت المجتمع الدولي سريعًا لاحتواء المأساة، أم أن آلاف الصوماليين سيواجهون المصير وحدهم تحت وطأة فيضانات لا ترحم؟
تعرف المزيد على: اتفاقية التعاون الدفاعي بين الصومال وأذربيجان: هل تُغيّر موازين الأمن في القرن الأفريقي؟