في وقت حرج تمر فيه الصومال بواحدة من أخطر المراحل الأمنية في تاريخها الحديث، تفجّرت أزمة جديدة بين الحكومة الصومالية وبعثة الاتحاد الأفريقي (AUSSOM)، لتسلط الضوء على العلاقات المتوترة مع الشركاء الدوليين، وتثير تساؤلات حول مستقبل الدعم الأمني الخارجي في البلاد.
اتهامات حادة من وزير الخارجية ضد بعثة الاتحاد الأفريقي
اتهم وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، القائم بأعمال رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية (AUSSOM)، سيفويلي بام، بتهديد أمن البلاد وتطورها، ووصفه في تصريحات نارية بأنه “يتعاطف مع حركة الشباب المتطرفة”.
وجاءت هذه التصريحات خلال مقابلة تلفزيونية محلية، أعرب فيها فقي عن استيائه مما وصفه بـ”تقارير منحازة” تصدرها البعثة، تتجاهل النجاحات الميدانية للجيش الوطني وقوات المقاومة المحلية “ماعويستي” في التصدي للإرهاب.
وأشار الوزير إلى أن البعثة تقلل من شأن إنجازات الحكومة، وتعرقل الدعم الدولي اللازم، دون أن يقدّم أدلة ملموسة على اتهاماته.
رغم عدم صدور رد مباشر من سيفويلي بام، فإن الأخير شدّد في خطاب له بمناسبة الذكرى 65 لتأسيس الجيش الوطني ، على التزام البعثة بدعم الحكومة الفيدرالية، وأشاد بالدور “الأساسي” للجيش في حفظ الأمن والاستقرار.
يأتي هذا التصعيد في وقت استعاد فيه مقاتلو حركة الشباب السيطرة على منطقة “عدن يابال” في شبيلي الوسطى، مما عمّق القلق في الأوساط السياسية والشعبية، وساهم في زيادة الضغط على الحكومة الصومالية.
يرى مراقبون أن اتهامات الوزير تعكس أزمة أوسع بين الحكومة الصومالية وبعض الشركاء الدوليين، لا سيما أن العديد من الدبلوماسيين وجّهوا انتقادات للرئيس حسن شيخ محمود، بسبب غياب التشاور السياسي مع الولايات الفيدرالية، وضعف إشراك الفاعلين المحليين في إدارة الملف الأمني.
تزامنت هذه التوترات مع استعداد مجلس الأمن الدولي لمناقشة آليات تمويل بعثة AUSSOM، في ظل رفض أمريكي واضح لتحويل الصومال إلى أول حالة اختبار لنموذج التمويل الهجين لقوات حفظ السلام الأفريقية.
دعم خارجي مهدد وانقسام داخلي
يعكس الهجوم العلني الذي شنه وزير الخارجية الصومالي على بعثة الاتحاد الأفريقي، حجم التعقيد الذي يواجهه الملف الأمني. وبينما تسعى الحكومة لمكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار، تبدو علاقاتها مع الشركاء الدوليين على حافة الانهيار.
تواجه الصومال تحديات أمنية وسياسية معقدة، تتطلب إعادة تقييم تحالفاتها الإقليمية والدولية. في ظل تصاعد التوترات مع إثيوبيا، وتعزيز التعاون مع مصر ودول أخرى، وتسعى إلى بناء شراكات جديدة تعزز من قدرتها على مواجهة التهديدات الأمنية وتحقيق الاستقرار الداخلي.
فهل تنجح الصومال في تجاوز هذه التحديات الأمنية والدبلوماسية معًا؟ أم أن هذه الخلافات ستقوّض فرصها في إحراز التقدم المأمول في معركتها مع الإرهاب؟
تعرف المزيد على: الجيش يُسقط العشرات من “حركة الشباب” في ضربة قاضية للإرهاب