أن تسمع لأول مرة في حياتك هو أشبه بولادة جديدة، خاصة إذا كنت طفلًا صوماليًا نشأت في ظروف صحية ومعيشية صعبة. في لفتة إنسانية عظيمة، جاء الأمل من مبادرة سعودية غيّرت واقع 15 طفلًا في الصومال، وزرعت في آذانهم السمع وفي قلوبهم الحياة.
دشّن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية برنامجه الطبي التطوعي “سمع السعودية” في العاصمة الكينية نيروبي، مستهدفًا الأطفال الكينيين والصوماليين الذين يعانون من فقدان السمع منذ الولادة.
ونجح البرنامج في تنفيذ 25 عملية جراحية لزراعة قوقعة الأذن والتأهيل السمعي، كان من بينها 15 عملية لأطفال صوماليين، الأمر الذي يمثّل خطوة طبية وإنسانية هائلة نحو تحسين جودة حياة هؤلاء الأطفال وتمكينهم من التواصل مع محيطهم لأول مرة.
أثر إنساني يمتد إلى الأسرة والمجتمع
البرنامج لم يكتفِ بزراعة القوقعة فقط، بل حرص على تأهيل بيئة الطفل السمعية والتواصلية. تم تنظيم دورة تدريبية لـ50 من أولياء الأمور ومقدمي الرعاية لتعليمهم طرق التخاطب والتفاعل الصوتي مع الأطفال الذين خضعوا للعمليات، مما يعزز دمجهم السريع في المجتمع.
هذا النوع من التأهيل لا يقل أهمية عن الجانب الجراحي، حيث يساعد الأسرة على كسر الحواجز النفسية واللغوية، ويهيئ بيئة مناسبة لنمو الطفل وتعلمه في المستقبل.
حضور دبلوماسي ورسمي يبرز عمق الشراكة التنموية
شهدت المناسبة حضورًا رسميًا لافتًا يعكس أهمية البرنامج إقليميًا، حيث شارك في الحفل:
- جبريل إبراهيم عبد الله، سفير الصومال لدى كينيا.
- الدكتور عقيل بن جمعان الغامدي، مساعد المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة.
- وزير الصحة الكيني آدم دوعالي.
وأعرب السفير الصومالي عن امتنانه العميق للمملكة العربية السعودية، قائلًا:
“نيابة عن الحكومة والشعب الصومالي، أشكر مركز الملك سلمان للإغاثة الذي غيّر حياة 15 طفلًا صوماليًا كانوا لا يسمعون، واليوم أصبح بإمكانهم السمع والتواصل مع العالم.”
الصومال ومشاريع الأمل في وجه التحديات
يعاني قطاع الصحة في الصومال من تحديات كبيرة تتعلق بضعف البنية التحتية، ونقص الكوادر والتجهيزات، خاصة في حالات الأمراض المزمنة أو الإعاقات الحسية كفقدان السمع.
وتأتي هذه المبادرة السعودية كجزء من سلسلة من المشاريع التنموية والطبية التي نفذها مركز الملك سلمان في الصومال، شملت مجالات التغذية، التعليم، دعم الأسر الفقيرة، ومواجهة الكوارث البيئية.
هذا النموذج من التدخلات الإنسانية المستدامة يسلّط الضوء على ضرورة تعزيز العمل العربي والإسلامي المشترك لدعم الفئات الأضعف في المجتمعات الإفريقية.
لم يكن ما حدث في نيروبي مجرد عملية طبية، بل هو قصة أمل وإنسانية تُروى بصوت أطفال صوماليين لم يسمعوا من قبل، وأصبح بإمكانهم اليوم التفاعل والابتسام والاندماج.
مثل هذه المبادرات تذكّرنا بأن العمل الإنساني ليس مجرد تبرعات، بل صناعة للفرص، وتحقيق للكرامة، واستثمار في مستقبل أفضل للأطفال والمجتمعات.
تعرف المزيد على: صراع النفوذ في القرن الإفريقي: هل تعيد الصومال رسم خريطة التحالفات الإقليمية؟