في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي يواجهها العالم، ومع تصاعد الآثار السلبية للتغير المناخي في منطقة القرن الأفريقي، أطلقت الحكومة الفيدرالية الصومالية المؤتمر الوطني للتغير المناخي في مقديشو، بمشاركة واسعة من الخبراء المحليين والدوليين، وممثلين عن منظمات الأمم المتحدة، والمجتمع المدني، والقطاع الأكاديمي.
يأتي المؤتمر الوطني للتغير المناخي في مقديشو في وقت حساس، حيث تزداد الحاجة إلى تضافر الجهود من أجل إيجاد حلول مستدامة لمواجهة آثار التصحر، وندرة المياه، والكوارث الطبيعية التي باتت تضرب الصومال بوتيرة متصاعدة.
حوار وطني مفتوح حول التحديات البيئية
ركز المؤتمر الوطني للتغير المناخي في مقديشو على صياغة رؤية وطنية موحدة لمواجهة التغير المناخي في الصومال، وناقش المشاركون تأثير الجفاف المتكرر، وارتفاع درجات الحرارة، وتآكل الغابات على الاقتصاد والحياة المجتمعية. وقد شهدت الجلسة الافتتاحية كلمات لعدد من المسؤولين، من بينهم وزير البيئة والتغير المناخي، الذي أكد في كلمته أن هذا المؤتمر يأتي ليؤسس لمنصة دائمة للحوار البيئي المستدام.
وأشار الوزير إلى أن الصومال من بين أكثر الدول تضررًا من التغيرات المناخية رغم مساهمته المحدودة جدًا في انبعاثات الكربون العالمية، وهو ما يستدعي تضامنًا دوليًا حقيقيًا لضمان العدالة المناخية.
دعم دولي ومبادرات خضراء واعدة
خلال جلسات المؤتمر الوطني للتغير المناخي في مقديشو، تم عرض عدد من المبادرات الجديدة، من بينها مشروع وطني للتشجير بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يهدف إلى زراعة أكثر من 5 ملايين شجرة بحلول عام 2030، للحد من التصحر وتحسين جودة الهواء. كما تم إطلاق حملة توعوية تستهدف المدارس والجامعات، بهدف إشراك الشباب في معركة مواجهة التغير المناخي في الصومال من خلال التعليم والمشاركة المجتمعية.
المندوب الأممي لشؤون البيئة في الصومال أثنى على الخطوة، واعتبر أن إقامة مثل المؤتمر الوطني للتغير المناخي في مقديشو يعد تحولاً جوهريًا في سياسة الدولة تجاه المناخ، ورسالة واضحة بأن الصومال يسعى للعب دور فاعل على المستوى الإقليمي في هذا الملف.
الحاجة لتمويل طويل الأمد واستراتيجية وطنية
رغم الإشادات، لم يخلُ المؤتمر من الدعوات الملحة للحكومة وشركائها الدوليين لوضع استراتيجية وطنية شاملة ومرنة، تتضمن خططًا للتمويل الأخضر، وإعادة بناء البنية التحتية بطريقة مستدامة، وتحقيق التكيف المجتمعي مع الظواهر المناخية القاسية، كالجفاف والفيضانات.
وشدد المشاركون على أن مواجهة التغير المناخي في الصومال لا تقتصر على حماية البيئة فقط، بل تشمل ضمان الأمن الغذائي، والاستقرار المجتمعي، وتعزيز فرص العمل من خلال مشاريع صديقة للبيئة.
نحو مستقبل أكثر استدامة
يمثل المؤتمر الوطني للبيئة والتغير المناخي نقطة انطلاق نحو رسم سياسات بيئية طموحة، في وقت أصبحت فيه التغيرات المناخية خطرًا داهمًا يهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الصومال. ومع تصاعد الدعم الدولي، ووجود إرادة سياسية محلية واضحة، يبدو أن الصومال يسير بخطى واثقة نحو تبني نهج بيئي شامل.
إن ما انطلق في مقديشو ليس مجرد مؤتمر تقليدي، بل محاولة جادة لبناء مستقبل بيئي آمن ومستدام، يعكس إدراكًا متزايدًا بخطورة المرحلة، وأهمية العمل الجماعي المحلي والدولي لمواجهة التغير المناخي في الصومال.
تعرف المزيد على: إنجاز تاريخي للصومال: اللغة الصومالية تُعتمد لأول مرة في ترجمة خطبة يوم عرفة